x

سوري يروي معاناته في سجون داعش وقصة هروبه: ربطوا الدين بالذبح فكرهونا فيه

الإثنين 22-02-2016 20:21 | كتب: ناريمان عبد الكريم |
جلاد داعش - صورة أرشيفية جلاد داعش - صورة أرشيفية تصوير : وكالات

عانى خليفة الخضر، 21 عامًا، طيلة 7 أشهر قضاها في سجون تنظيم داعش، ونشر موقع صحيفة «لا ليبر» البلجيكية، يومياته التي سردها بعد تمكنه من الهرب.

ويقول الخضر إنه في أبريل 2013، بدأت حياته تنقلب رأسًا على عقب، ففي مدينة الرقة التي نشأ فيها وقضى طفولته، أصبح زمام الأمور في أيدي مقاتلي جبهة النصرة، ولكن سرعان ما سيطر عليها داعش، واتخذها عاصمة له، وخلال وقت قصير حدثت تغيرات كبيرة في تلك المدينة.

وتابع أن العنف ساد المدينة، وأُجبر المسيحيون على مغادرة المدينة، وقرر خليفة، الذي كان يدرس علم الاجتماع وقتها، أن يبعث برسالة سلام وأمل لسكان المدينة، وقام برسم صورة للعذراء على أحد جدران المدينة، وبالرغم من كونه مسلم إلا أنه فضل أن يستخدم رمزًا مسيحيًا ليظهر التسامح والانفتاح الذي يمثله، ولكن قاده ذلك الفعل لسجون داعش.

وقبل أن يضعه داعش في السجن، فكر خليفة في الهروب لمدينة حلب، ولكنه لم يرد ترك المدينة التي نشأ فيها، لذا كان يزور الرقة من حين لآخر، وفي كل مرة يعود إليها كان يلاحظ تغييرات جذرية، فجدران الشوارع أصبحت باللون الأسود، وعدد الغرباء والأجانب يتزايد.

وتابع أنه بالرغم من حذره خلال زيارة المدينة إلا أنه في صباح أحد الأيام في شهر يونيو 2014، اوقفه رجال داعش عند أحد الحواجز على الطريق، وطلب منه جهادي مغربي يرتدي ملابس سوداء أن ينزل من السيارة، ولم يكن قادرًا على المشي، وفكر سريعًا وقال لهم إنه كان في طريقه لمدينة منبيج بين مدينتي الرقة وحلب، كي يغسل ملابسه لأن حلب ليس بها ماء، وسألوه إذا كان قد أدى الصلاة وأجابهم بالنفي، فأرسلوه لأداء الصلاة وكانت بالنسبة له صلاة الوداع.

وفي البداية وجه له داعش تهمة الانتماء لجبهة النصرة، الجماعة المنافسة للتنظيم، ووضعوه في زنزانة صغيرة جدًا يوجد بها اثنان آخران، وقضى بها أسابيع وكانت رأسه ملاصقًا للحائط، لدرجة أنه تمنى أن يقتلوه، ثم نقلوه لزنزانة أخرى أكبر ولكن بها عدد كبير من الأشخاص، وكان داعش دائمًا ما يغير أماكن المسجونين بشكل دوري حتى لا يقيمون صداقات فيما بينهم تبعث لهم بالطمأنينة والراحة.

ولكن نجح الخضر وعدد من الأشخاص في صنع لعبة شطرنج تهون عليهم الوقت في الزنزانة، التي كان يملأها رائحة العرق والمرحاض، والملابس المتسخة، فبالرغم من عددهم كانت الزنزانة مجهزة بمرحاض واحد، وكانت حرارة الصيف تزيد الوضع تأزمًا، وتجعله غير محتمل.

وكانت قواعد السجن واضحة للجميع فمن لا يصلي يتعرض للتعذيب، ولكل مسجون وجبتان يوميًا، واحدة مكونة من خبز ومربى، والأخرى أرز.

وكان كل 5 أشخاص يستخدمون ماكينة حلاقة واحدة، وكان غير مسموح بحلاقة الذقن، ومن يحلقها يتعرض للتعذيب، فمسموح بحلاقة الشارب فقط.

وكان هناك مسجونون يُعدمون وآخرون يتعرضون للتعذيب وكان ذلك يحدث بشكل منتظم.

ويقول الخضر كل يوم كنا نسمع أصوات مساجين يصرخون من الألم، فلو كان للمعاناة صوت لكان ذلك الذى كنا نسمعه، وأمام تلك الصرخات كانت تعلو ضحكات رجال داعش التي كان من الصعب تحملها، ولاسيما في اليوم الذي احتفلوا فيه بأسر الياباني هارونا هواكاو.

وبعد قضاء 50 يومًا في السجن جاء دور الخضر لاستجوابه أمام سوري مقنع قال له إنه يعرف كل شيء عنه وكان يضربه بخرطوم كي يدلي باعترافات، ولكن خليفة لم يقل أي شيء.

وعلموا أنه الشاب الذي رسم العذراء على أحد الجدران، وكان ذلك سببًا كافيًا لتعذيبه، وقال له الجلاد «أمازلت تلعق أحذية المسيحيين؟» وقاده معصوب العينين، يداه وقدماه مربوطتان خلف ظهره، ثم علقوه بسلسلة تعلو فوق الأرض بمتر واحد.

وقال إن الجلاد كان يضربه بقوة لدرجة أن وجهه كان يرتطم بالسلسلة، كما لو أنه يصعق بالكهرباء.

وظل التعذيب مستمرًا لمدة 4 ساعات، ثم أرسلوه لزنزانته، حيث لم يعد قادرًا على الحركة، بقع زرقاء على يديه وقدميه، وبقع دماء جافة على مفاصل جسده، وكي يمنح نفسه الأمل لمرور ذلك الوقت العصيب كان يفكر في أسرته وشقيقته الصغرى.

ويقول إنه لم يعد يحتمل سماع كلمة «الله أكبر» فقد أصبح يكرهها لارتباطها بما يفعلوه من قتل وتعذيب، فكيف يصلون ويرتكبون ذلك.

وأخيرًا قرر خليفة الاعتراف بأنه الذي رسم العذراء، فأرسلوه للمحاكمة أمام قاض تونسي، وبفضل اعترافه سمحوا لأسرته للمرة الأولى لزيارته في السجن، قبل الحكم عليه بالإعدام، وأثناء مقابلة أسرته قال لوالدته إنه يعلم أن نهايته اقتربت وطلب منها أن تنساه.

ولكن تم وضعه في سجن جديد به مجموعة من المساجين الذين عفا عنهم أبوبكر البغدادي خليفة داعش، وكان يعتقد أنه سيعفى عنه أيضًا ولكن علم بعد ذلك أن أحد المساجين أعفي عنه ولكن قاموا بعد ذلك بإعدامه، فشعر خليفة أنهم كذبوا عليه وأنه كان عليه أن يغادر.

وفي ديسمبر 2014، تمكن خليفة من الهرب فقد قال لأحد حراس السجن إنه سيذهب وسيعود في الوقت المناسب لعمله في السجن، وسار على قدميه كيلو متر، وتمكن من الركوب مع سائق، وأصابته الحسرة عندما أوقفهم داعش على الطريق، ولكنه ظل صامتًا، وفي النهاية تمكن من الوصول لبيته.

ويقول خليفة إنه عندما دخل بيته شعر أنه دخل مكان مقدس، وشعر أنه لن يراه ثانية، فأخذ يلمس الجدران ولا يستطع أن يصدق أنه ما زال على قيد الحياة.

ويقول إنه خلال فترة سجنه أصابه مرض الجذام، وخسر 10 كجم من وزنه، بسبب سوء التغذية، ولكن الأسوأ من هذا كله معاناته النفسية داخل السجن.

ولكنه الآن يواصل دراسته في علم الاجتماع، ويسعى لتعلم اللغة الفرنسية، للالتحاق بجامعة السوربون، وقال إنه يحلم بكتابة قصته في كتاب.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية