استعدت تلك اللحظات أكثر من مرة.. وفى كل مرة لم أكن أرها جزءا من مباراة كرة قدم، وإنما مشهد حب رائع وجميل يستحق التحية والإعجاب والاحترام أيضا.. ففى مباراة كروية ودية استضافها هذا الأسبوع ملعب الخامس من يوليو بالعاصمة الجزائرية وجمعت بين منتخبى الجزائر وفلسطين.. وامتلأ الاستاد بثمانين ألف جزائرى جاءوا لتحية منتخب فلسطين وليس للفرجة على مباراة لكرة القدم يخوضها منتخب بلادهم.. وعلى الرغم من عشق الجزائريين لبلادهم وعلمها ومنتخبها وكبريائها إلا أن المفاجأة الحقيقية كانت لحظة أن أحرز المنتخب الفلسطينى هدفه الوحيد الذى فاز به على الجزائر.. هدف فلسطينى فى المرمى الجزائرى شهد وقوف الثمانين ألف جزائرى دون أى ترتيب أو اتفاق مسبق للتصفيق وتحية فلسطين والهتاف لها بمنتهى الفرحة والحب.. وأظن أنه حتى الإعلام الكروى الأوروبى سيتوقف كثيرا وطويلا أمام هذا المشهد الذى سيعتز به دائما تاريخ كرة القدم فى العالم.. ولن أقول إننى تمنيت أن يكون هذا المشهد فى بلدى، وأن يقف ثمانون ألف مصرى فى استاد القاهرة لتحية منتخب فلسطين حين يحرز هدفا فى مرمى المنتخب المصرى.. فأنا أعتبر الجزائر أيضا بلدا غاليا على القلب والوجدان تسعدنى انتصاراته وتؤلمنى جروحه.. لكننى بالفعل تمنيت ألا يكون هذا المشهد الفلسطينى فى الجزائر بكل هذا الحب النبيل، بينما يتزامن معه خطاب رسمى صادر عن الاتحاد الرياضى المصرى للجامعات موجه إلى الدكتورة سمر الأعرج موسى، رئيس الاتحاد الرياضى لجامعات فلسطين.. وفيه تطلب مصر من فلسطين سداد مقدما تكلفة الإقامة فى الفنادق والتدريب فى الملاعب، وكذلك تكلفة البرنامج السياحى حتى تعتمد مصر مشاركة منتخب الجامعات الفلسطينى فى البطولة العربية لخماسيات كرة القدم فى القاهرة فى شهر مارس المقبل.. هذا الخطاب يحمل توقيع الدكتور عرفة على سلامة، سكرتير عام الاتحاد الرياضى للجامعات المصرية، الذى قطعا لا أعاتبه أو ألومه باعتباره مكلفا بجمع مثل هذه الرسوم مقدما من جميع الفرق العربية المشاركة.. لكننى أعاتب الاتحاد الرياضى لجامعاتنا بأنه لم يستثن فلسطين من هذه الرسوم لتتحملها مصر نيابة عن جامعات فلسطين..
بل أعاتب الدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى أيضا.. وأتمنى أن يقرر خالد عبدالعزيز، وزير الرياضة والشباب، أن تتولى وزارته سداد تكلفة إقامة وتدريب ولعب منتخب الجامعات الفلسطينى الذى لا علاقة له أصلا بحماس أو بالسياسة كلها.. إنما هو منتخب يضم طلبة فلسطينيين يحبون الرياضة ويعشقون كرة القدم، ويجب أن تبقى مصر فى أعينهم هى الدولة العربية الكبرى التى احتضنت دائما قضايا بلادهم.. والدكتورة سمر بالمناسبة لم تطلب منى ذلك هى وكل أعضاء الاتحاد الرياضى الجامعى الفلسطينى.. فهى امرأة فلسطينية مسكونة بالكبرياء وعزة النفس مثل كل نساء فلسطين المناضلات والصابرات والجميلات.. وليست هناك أى شكاوى فلسطينية أو غضب وتذمر.. ولكننى أنا الذى أبادر وأطلب ذلك من خالد عبدالعزيز، واثقا من أنه لن يتردد ولن يتأخر عن استضافة طلبة فلسطين فى القاهرة لتبقى القاهرة فى قلوبها سندا وحلما ووطنا.