x

سمير فريد مفاجأة رائعة من السعودية.. كوميديا ساخرة فى حب تقدم الوطن سمير فريد السبت 20-02-2016 21:44


«الملتقى» هو البرنامج الموازى المستقل في مهرجان برلين، والذى تواكب مع برنامج «نصف شهر المخرجين» في مهرجان «كان» بعد ثورة الشباب في مايو 1968، والتى نشبت في باريس أثناء انعقاد المهرجان، وكان لابد أن تغير مهرجان «كان» وكل المهرجانات كما غيرت كل العالم.

تميز «الملتقى» بعرض الأفلام المجددة التي تختلف عن الأفلام السائدة بدرجات متفاوتة. ولأول مرة في تاريخ البرنامج، تضمنت دورة 2016 فيلماً تقليدياً تماماً، ولكنه في نفس الوقت يعتبر من الأفلام «الثورية» بامتياز.

إنه الفيلم السعودى «بركة يقابل بركة» إخراج محمود صباغ، الذي ولد في جدة عام 1983، ودرس السينما في نيويورك، وهذا فيلمه الأول. وترجع أهمية الفيلم إلى أنه أول فيلم روائى طويل يصور في شوارع جدة، وفى بلد تعتبر فيه السينما من المحرمات، والبلد الوحيد في العالم الذي لا توجد به دور لعرض الأفلام. وفضلاً عن ذلك فالفيلم كوميديا انتقادية ساخرة بجرأة كبيرة وحس إنسانى عالٍ، وتفيض بحب تقدم الوطن.

هذا الفيلم نتاج الثورة التكنولوجية حيث تعتبر السعودية من أكثر البلدان التي تنتشر فيها وسائل الاتصال الاجتماعى، وهو أمر منطقى بحكم الطابع المحافظ للمجتمع، وتحول تلك الوسائل إلى أسلوب للتعبير الحر من دون قيود. وقد بدأ محمود صباغ حياته في الفن مخرجاً على «يوتيوب»، وأشهر أعماله الأغنية التي تسخر من منع النساء من قيادة السيارات في السعودية، والتى أنتجت عام 2013، وحققت 13 مليون مشاهدة.

أخرج «صباغ» الفيلم وكتب السيناريو، كما قام بإنتاجه، فهو مؤلف سينمائى يسيطر على عمله سيطرة تامة. وقام بالدور الرئيسى هشام فقيه الذي اشترك في تمثيل الأغنية المذكورة، ويعتبر من نجوم عالم «يوتيوب» بين الشباب السعودى، واشتركت في التمثيل فاطمة البنوى، وهى من نجوم الإعلانات في هذا العالم أيضاً.

حتى لا يثقل على الرقباء

يضعنا الفيلم في رؤيته الساخرة من أول لقطة قبل العناوين، حيث يكتب المخرج على الشاشة أنه شطب بنفسه اللقطات التي تحذفها الرقابة لأنه لا يحب أن يثقل على الآخرين. وبالفعل يتم الشطب على كأس الخمر مثلاً في أحد المشاهد وغير ذلك من الممنوعات. والشخصية الرئيسية الشاب بركة (هشام فقيه) الذي يعمل في بلدية مدينة جدة ضمن فريق مراقبة تطبيق القوانين في الشوارع مستخدماً سيارة البلدية التي يقودها بنفسه. إنه فيلم من «أفلام الطرق»، وهى فكرة بارعة تتيح التعرف على مختلف جوانب الحياة في المدينة من دون افتعال. وينتمى بركة إلى الطبقة الوسطى الفقيرة، ويعيش وحيداً في حى من أحيائها مع جيرانه مثل العم دعاش (سامى حنفى) المتبرم دائماً من التقاليد الجامدة، والمولدة أو «الداية» سعدية (خيرية نظمى) المتفائلة دائماً.

وذات يوم يرى بركة تصوير إعلان في الشارع، فيطلب الاطلاع على الترخيص، ويبهره جمال بيبى (فاطمة البنوى) بطلة الإعلان، ويقع في حبها من أول لحظة. وهى بيضاء وذات عيون زرقاء وغير محجبة، وتبدو وكأنها من كوكب آخر. ويتعرف بركة على أسرة بيبى الثرية التي تعيش في «فيلا» فاخرة، ويعرف سر اختلافها، فهى ابنة متبناة لهذه الأسرة، وتعمل كعارضة في دار أزياء تملكها والدتها التي تسعى للإنجاب، ووالدها الذي يشرب الخمر.

وبين هذين العالمين (عالم بركة وعالم بيبى) هناك أيضاً عالم الفن، حيث يهوى بركة التمثيل، ويشترك في عرض لمسرحية شكسبير «هاملت»، ويقوم بدور أوفيليا حبيبة هاملت حيث تمنع النساء من التمثيل على المسرح في السعودية. ويصل الفيلم إلى ذروته عندما يطلب مخرج المسرحية من بركة أن يشترى «حمالة صدر» تؤكد أنه امرأة، ويبحث بركة عن حمالة الصدر التي تناسبه في محال بيع أزياء النساء حتى يجدها. ويتضمن الفيلم تحية إلى تحفة يوسف شاهين «باب الحديد» بمشهد من المشاهد التي تعبر عن الكبت الجنسى.

موهبتان

يقترح بركة على والدة بيبى أن تستعين بوسائل سعدية التقليدية لتتمكن من الحمل، وبالفعل تنجح هذه الوسائل، وتكون المكافأة الموافقة على أن يتزوج بيبى. وفى اللقطة الأخيرة نرى الحبيبين يتأرجحان على شاطئ البحر، وتعترف بيبى لأول مرة أنها كانت تسخر من اسم بركة، ولا تعرف هل هو مذكر أم مؤنث، والحقيقة أن اسمها أيضاً بركة، ولكن يقال لها بيبى.

إنه فيلم جميل ومحكم الصنع في 88 دقيقة، صوره ببراعة مدير التصوير اللبنانى المخضرم، فيكتور جريدى، ويعلن مولد مخرج سعودى موهوب، وممثل سعودى موهوب هو هشام فقيه الذي لا يذكر بأقل من الممثل والمخرج الإيطالى الكبير، روبرتو بينينى. إنه فيلم رائد حقاً يفتح آفاقاً جديدة للسينما في السعودية وفى كل دول الخليج.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية