وافق البرلمان الجزائرى على أن تكون اللغة الأمازيغية لغة رسمية في البلاد بجانب اللغة العربية، لتتقدم الجزائر عدة خطوات في المساواة بين أبنائها، وتقر بحقوق تاريخية لعدد كبير من مواطنيها ذوى الأصول الأمازيغية. أما في مصر، فلدينا -على الورق- عدد كبير من مواد الدستور والقوانين التي تقر المساواة ومنع التمييز ولكن دون تطبيق على الأرض.
المجلس العسكرى، في أثناء فترة حكمه للبلاد عقب ثورة 25 يناير، وبعد تلك الثورة بتسعة أشهر أصدر قانون تجريم التمييز، وهو يناهض التمييز بين المواطنين في مصر. ويتضمن مادتين؛ واحدة تتعلق بالأديان ومكافحة التمييز، والثانية تخص تشديد العقوبات في الأحداث الطائفية.
ينص هذا القانون المهم على معاقبة من يرتكب أي فعل من شأنه التمييز بين الأفراد أو الطوائف لأسباب عديدة (مثل: الجنس أو الأصل أو اللغة أو العقيدة).
ارتكاب جريمة التمييز عقوبتها لا تقل عن السجن لمدة 3 شهور وغرامة لا تقل عن 50 جنيها ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بعقوبة من الاثنتين في حالة كان الجاني موظفاً عاماً أو أي شخص مكلف بخدمه عمومية.. هذا القانون، المتميز نصاً، تحول- مثل قوانين متميزة أخرى- إلى حبر على ورق، وكأنه ليس موجوداً؛ فالتمييز في مصر مترسخ وممتد الجذور، ولذلك نرى أن المساواة «تُمنح» عادة من الحاكم الذي «يهبها» متى شاء.
المناخ العام في مصر يزخر بعدد كبير من أشكال التمييز، أشهرها التمييز الطبقي بين الغني والفقير، ولكن أخطرها هو التمييز الدينى.. وفي سبيل مناهضة هذا النوع الأخير، تأسست، منذ سنوات، مجموعة لمكافحة التمييز الدينى، وضمت تلك المجموعة شخصيات وطنية وقامات كبيرة، على قدر هذا الخطر المحدق بالمجتمع.
التمييز الدينى له أشكال متنوعة لعل أبرزها التمييز الرسمى الذي يمارس من الدولة ضد مواطنيها بسبب الدين، بعيداً عن مشاكل بناء الكنائس، ووجود عدد كبير من الكنائس المغلقة بقرارات أمنية، رغم الوعود بإعادة فتحها، ولكن التمييز- في أبشع صوره- نلمسه في إلغاء الحقبة القبطية، والتي تمتد لقرابة الخمسة قرون، من الذاكرة المصرية، فلا المناهج الدراسية تذكرها، ولا أحد يسمع عنها. وكأن مصر القبطية عار يجب أن نخفيه، وذلك في الوقت الذي يتم فيه تدريس مراحل تاريخية أخرى، كالعصر المملوكي مثلاً.. الطريف أن بعض الجامعات الأجنبية تخصص أقسام لدراسة الحقبة القبطية بملامحها الفنية والأدبية.
إن مقالاً واحداً لا يكفي لسرد عشرات الأمثلة المجتمعية على التمييز الديني؛ فمجالاته متعددة، منها نظام تعليمي لا يُعرف بالآخر المختلف دينياً، وأعياد لا تعترف بها الدولة، والتمييز في الالتحاق ببعض الكليات العسكرية والشرطة والهيئات القضائية والدبلوماسية. وفرق رياضية تقتل مواهب الأقباط وترفضها في مهدها، كي لا يصلوا إلى مقدمة الصفوف.
التمييز في مصر يطال فئات كثيرة مثل المرأة والفقراء، كما يعانى أهالى سيناء والنوبة والمناطق الحدودية من أشكال مختلفة من التمييز. نتمنى وجود مجموعات فاعلة، ترعاها الدولة، لمناهضة التمييز.. أي تمييز.
[email protected]