x

حمدي رزق «لو قامت ثورة على هذا النظام سنأتى بحاكم من أين؟» حمدي رزق الجمعة 12-02-2016 21:14


سؤال حمدين صباحى فى محله ووقته، سؤال عاقل، قالها سابقاً بطريقة أخرى، «لا نملك رفاهية فشل السيسى»، نجاحه هو المطلوب إثباته، وكل محب لهذا الوطن يقف معه وقفة مخلص، إذا أصاب أصبنا أن ندفعه إلى مزيد من الخطوات التصحيحية لمسار انحرف وانجرف فى لجة بحر مضطرب، نبحث معه بتجرد عن مرفأ آمن للمحروسة التى تتقاذفها أمواج عاتية فى منطقة أصابها إعصار هائل فخلخل رواسيها.

ونقف منه موقف الناصح الأمين، واللهم لا اعتراض على موقف نفر منا رافض لحكمه، الحق فى الرفض بنفس الحق فى القبول، والرافضون فى نفس مركب الوطن إلا الذين أجرموا ورفعوا السلاح فى وجه الشعب الذى صار يفرق بين ناقد وناقم، النقد جُنة، والنقمة دمار، اللهم احفظنا من الناقمين الموتورين من الإخوان والتابعين.

المعنى الكامن فى عبارة حمدين صباحى هو المعنى الكامن فى ضمائر المصريين جميعاً، أصحاب الضمائر الحية الحادبين على سلامة هذا الوطن، صحيح أهداف الثورة لاتزال بعيدة عن التحقق، وأخشى أنها عصية إلا على أولى العزم من الرجال، ولكن هناك إقرارا كاملا بالأهداف، ومحاولات حثيثة للاقتراب، ولكن يحول بيننا وبين التحقق الكامل أسباب لا تخفى على لبيب، واللبيب بالإشارة يفهم.

سؤال حمدين صباحى يجمل بالإجمال وما يتبعه من أحمال تنوء بحملها الجبال، يجمل الخطر الكامن فى المشهد الراهن، ليس لدينا رفاهية خسارة رجل وضع رأسه على كفه ورعى ثورة شعبه، هذا فضل، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، وليس لدينا قائم ما يطمع الذى فى قلبه مرض لهدمه، تسلم الرجل دولة شبه منهارة تترجى الله فى حق النشوق، دولة ظهرها مكشوف، واقتصادها منهك، ومرافقها متداعية، كلما أقام جداراً هناك ألف جدار منهار خلفه، ولولا عناية الله سبحانه وتعالى، أن هيأ لنا من أمرنا رشدا، لصرنا فى عداد الدول الفاشلة.

السيسى مدرك لخطورة اللحظة، وصعوبة المهمة، وقسوة التحدى، حمل الأمانة، وعليه أن يؤديها إلى أهلها كاملة غير منقوصة، يقود سفينة عتيقة فى أنواء عاصفة، إن أخذنا على يديه نجونا، وإذا تقاعسنا عن نجدته غرقنا، وإذا غرقت السفينة جميعنا غرقى إلا من رحم ربى.

قول حمدين هو ما استقر فى الضمائر الوطنية الحية، ورغم الخنقة والضيق والألم الذى تعبر عنه ألسنة وأقلام وأفكار، إلا أن الثابت أن البلد لا يحتمل ثورة جديدة، الناس تعبت، الشعب فى حاجة إلى قسط من الراحة، أملاً فى المستقبل، نظرة إلى الأمام، شوق إلى الحرية، والعدالة، والكفاية، والمساواة، إلى الكرامة فى وطن كريم، وإلى الأمان بعد أن ابتلينا بالقلق، والقلق مرض إذا تمكن من الشعوب أفقدها صوابها ورشدها، لسنا قطيعاً من الحيتان تذهب إلى حتفها ممددة على الشاطئ جثثاً نافقة.

والسيسى أيضا لا يملك رفاهية الفشل، أو الحنث بالقسم، أو تبديد الرصيد، وعليه أن يقلق كثيراً، ويقف ويتبين مغزى انفضاض النخب عن القصر، أعيبٌ فى القصر، أم قصور عن إدراك أهمية الاصطفاف الذى تجلى فى 30 يونيو؟ عليه أن يطالع المشهد الراهن ويقف على ملامحه وخطوطه العريضة، لماذا انفضوا وكانوا مجتمعين، لماذا تشتتوا شيعاً وأحزاباً، لماذا احتربوا وكانوا متحابين؟

لا يمكن أن يكون صف 30 يونيو اجتمع على باطل، مَن الذى بذر بذور الشقاق والافتراق، مَن الذى يعمد إلى التشويه والتسفيه والتخوين، مَن الذى سمح باستباحة الحرمات، مَن الذى استقوى على الضعفاء، مَن الذى اغتال معنويات هذا الشعب وسلمه إلى الإحباط والاكتئاب واليأس من إصلاح الحال والأحوال؟ كان فوق الخيال أن يترحم أحدهم على أيام ولّت، صاروا يترحمون عليها جهرة وعلانية.

السيسى اختيار شعب فى مفرق ضاعت فيه ملامح الطريق، وتمكينه من الإنجاز، والدفع فى ظهره، وحثه على الإجادة، وضبط البوصلة واجب من اختاروه على أعينهم، الغاضبون من السيسى عندهم حق، والناقدون لهم حقوق، والتخوين آفة ابتلينا بها فى آخر الزمان، وليس كل من قال «لا» شيطانا رجيما، وليس من رفض آثما قلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية