«أنا الكاتب المسرحى محمود الطوخى- مؤلف مسرحية غيبوبة.. أعلن أننى مستعد أتقدم للمحاكمة أمام القضاء لو المسرحية فيها أى إهانة للثورة أو الثوار أو الشهداء.. مستعد أتعدم كمان».
أختلف بالكلية مع الكاتب المسرحى محمود الطوخى، مَن يحاكم مَن، مَن يحاكم الفكر، مَن يصادر الإبداع، كيف تمكن ثعالب الفيس بوك العقورة من فكرك، كيف تسلّم لهم هكذا نفسك، كيف تطلب لعقلك المحاكمة، وكيف ترتدى بدلة الإعدام الحمراء طواعية؟
يا رجل اثبت، كن قوياً، دافع عن فكرك، لا تتنصل من فنك، إنها أكاذيب حيكت بليل لإهانة فكرة تحولت إلى مسرحية، فصارت عرضاً مسرحياً، قتل هذه المسرحية قتل للمسرح، قتل للفن، قتل مع سبق الإصرار والترصد للإبداع، كيف تطلب لنفسك ثم لنا محاكمة الفكرة، كيف تفتح علينا بإقرارك هذا باب جهنم الحمراء، أتسلم لهم من أول لطمة، أتعتمد أوراق فكرتك من هيئة الأمر بالإغلاق والنهى عن الفكر؟!
التسليم لهؤلاء يا «طوخى» ضرب من الجنون، إذا مَكَّنتهم من إصبعك قضموا يدك، وإذا سلَّمتهم عقلك تلاعبوا بأفكارك، وإذا عرضتَ عليهم إبداعك فلا تلومن إلا نفسك، فلتَنَل جزاءك، قاوم يا رجل وقل قولاً حكيماً، هذا إبداعى وأنا مسؤول عن كل حرف ينطق به الممثلون على المسرح، وتزيدهم إبداعاً، وهذه أفكارى معروضة عليكم، لا أتنصل منها ولا أنفك عنها وأنا صاحبها ومُنشئها وعلى قناعة تامة بالمعروض بضاعة على مسرح «السلام».
الجراد الأسود الذى يتغذى على أوراق الفكر يانعة يشن حملة كراهية ضد فكرة فى مسرحية، الجراد أوقف العرض فى السويس وبنها، ولن يُكتب لهذا العرض قائمة على المسرح إذا استسلم كاتبه ومخرجه وأبطاله لهذه الحملة السوداء، إهانة ثورة يناير تهمة باطلة، واسألوا الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، الذى شاهدها بين طلابه.
نقد ثورة يناير ليس من المحرمات المسرحية، قائمة المحرمات بدأت بمنع التعرض للأندية الرياضية على المسرح، ورضخ الممثلون بعبثية، ولن تنتهى أبداً بزعم إهانة الثورة، وبينهما مشتبهات، المسرحيون بعد هذه الجريمة سيحومون حول الحمى.
عزيزى محمود الطوخى، أربأ بك هذا التسليم، لا هو قضاء ولا قدر، وكأنك توقع على إقرار بمصادرة العمل بكامل قواك العقلية، أتذهب مختاراً إلى المحاكمة، أخشيتَ منهم، مَن هم، واعلم إن تمكن أحدهم من دماغك نسفك، أتُسلم بكذبهم حذر الخوف من اتهام مخيف هو سيف مسلط على رقاب العباد.
يا رجل كتبت «الغيبوبة» فى يقظة كاملة، وعُرِضَت فى البحر الأحمر وأسوان ونالت تصفيقاً، وتُعرض على مسرح «السلام» فى سلام، إذن مَن لا تعجبه أفكار «الغيبوبة» فليبحث عن غيرها توافق أهواءه، لا تدخل أنت غيبوبة فكرية صنعتها من خيالك، كيف تهوى فى قاع بئرهم السحيقة؟
للأسف بإقرارك هذا الذى تنقصه بطاقة الرقم القومى وشاهدا عدل، سلَّمتَ لهم بالمحاكمة التى ستُنصب لك حتماً، ارتضيتَ محاكمة المسرحية، استعد لإعدام بطل المسرحية، لأنه تحدث بلسانك، وأضاف من فنه إلى بيانك، سلِّم نفسك فى قسم شرطة الأربعين.
هاؤم اقرأوا كتابيه، مَن يحاكم الكاتب على أفكاره، مَن يعدم مسرحية «الغيبوبة»، مَن يقيم الحد على الفنان أحمد بدير، بهذا الإقرار أعلاه سلّم الطوخى المسرحية لأعداء الفكر، إذا كان المؤلف سلّم فلنستعد لتسليم الوطن، «الغيبوبة» عمل للاستفاقة، ولكن للأسف هناك مَن جعلها اسماً على مسمى، غيبوبة يدخلها المجتمع بقدميه طائعاً مختاراً، فلننتظر محاكمة الساحرات والنار الموقدة.
مستحيل، بل يستحيل احتمال هذا الإرهاب الفكرى باسم ثورة عنوانها الرئيس الحرية، هذا إرهاب فكرى ممن خرجوا يطالبون بالحرية، كيف تطالب بالحرية يا هذا وأنت تقمع فكراً، كيف تطلب حرية التفكير وأنت تعدم عملاً مسرحياً؟ إنها غيبوبة الوطن فى تجليها على مسرح السلام!.