اليوم.. الثلاثاء التاسع من فبراير.. هو ذكرى أول مباراة كروية فى مصر جمعت بين الأهلى والزمالك.. مباراة أقيمت منذ تسعة وتسعين عاما، وبالضبط يوم التاسع من فبراير عام 1917.. وبإمكاننا تأمل كيف تغيرت مصر فى تسعة وتسعين سنة عن طريق مقارنة مباراة الناديين الأولى بمباراتهما التى تقام الليلة فى استاد برج العرب.. فى المباراة الأولى كانت مصر سلطنة يحكمها السلطان حسين كامل الذى أحب كرة القدم، وأقام أول بطولة كروية رسمية لمصر هى الكأس السلطانية.. واليوم مصر جمهورية يحكمها الرئيس عبدالفتاح السيسى.
فى المباراة الأولى كانت مصر محتلة من الإنجليز ولم تكن تملك جيشا وطنيا قويا.. واليوم تملك مصر جيشا قويا لدرجة أنه هو صاحب الملعب الذى يستضيف مباراة الليلة.. فى المباراة الأولى لم تكن مصر تملك بعد أى اتحاد رسمى أو مسابقات باستثناء الكأس السلطانية.. واليوم تملك مصر اتحادا رمزيا وبطولتى دورى وكأس.. فى المباراة الأولى كان الأهلى يملك ملعبه الخاص به فى الجزيرة، وكان الزمالك أيضا يملك ملعبه الخاص به مكان دار القضاء العالى حاليا ونقابتى المحامين والصحفيين.. واليوم لم يعد الأهلى والزمالك يملكان أى ملاعب صالحة للعب ويتسولان من الدولة والجيش والبترول أى ملعب يقبلهما حتى بدون جماهير.. فى المباراة الأولى كان هناك باشوات وأفندية وعمال يحبون الناديين ولكن بدون ألتراس ووايت نايتس.. واليوم يتابع الإعلام كله مباراة الليلة وينتظرها الناس فى كل مكان، بينما المباراة الأولى أقيمت بدون راديو أو تليفزيون أو استوديوهات تحليل، بل إنه حتى الصحف وقتها لم تكتب أى شىء عنها إلا بعد إقامتها بأسبوع كامل.. ربما كان الشىء الوحيد الذى لم يتغير هو الجدل الطويل الذى سبق إقامة مباراة الليلة والخلاف بين الناديين بشأنها، وأين تقام، ولماذا، وما هى بدائل استاد برج العرب؟.. فقد سبق المباراة الأولى أيضا جدل ولكن من نوع آخر.. جدل بدأ قبل المباراة نفسها بثمانية وعشرين يوما كاملة.. وانتهى بالتوقيع المشترك على ثمانية وعشرين بندا فى عقد الاتفاق بينهما.. فالناديان سيلعبان مباراتين متتاليتين فى ملعب الزمالك أولا ثم الأهلى.. والموعد هو الثالثة ظهرا.. ويقتسم الناديان إيرادات التذاكر بعد خصم التكاليف.. ولابد من سرادق كبير للجمهور وتأجير مقاعد وفرقة موسيقية وشاى وحلوى للضيوف.. ووقّع هذا العقد حسين حجازى ممثلا للأهلى وإبراهيم علام ممثلا للزمالك..
فلم تكن أول مباراة فقط بين الأهلى والزمالك ولكن أول مباراة يكون كل لاعبيها مصريين بدون إنجليز أو أجانب.. أى أنها كانت مباراة لتحديد بطل الكرة المصرية بعدما اعتاد الأهلى والزمالك تحدى فرق الإنجليز واللعب معها والفوز عليها أيضا.. وكانت مجلة اللطائف المصورة هى أول مجلة أو صحيفة مصرية تكتب عن هذه المباراة التى أقيمت فى ملعب الزمالك وفاز بها الأهلى بهدف نظيف سجله عبدالحميد أفندى محرم الذى قالت عنه اللطائف إنه الوحيد الذى تمكن من إدخال الكرة مرمى الفريق الآخر وسط تصفيق المتفرجين.