x

مي عزام السيسى يفتح صندوق باندورا مي عزام السبت 30-01-2016 21:39


حينما طالب هيكل من الرئيس السيسى أن يثور على نظامه لم تكن تخاريف كاتب عجوز تجاوز التسعين، ولم يعد أحد يستمع لنصائحه التى يعتبرها البعض دون كيشوتية، ولكن الحقيقة كل يوم يثبت أن الرئيس السيسى فى مأزق كبير بسبب النظام الذى يجلس على قمة هرمه.
الرجل أقسم على الإخلاص لمصر وشعبها، عليه عبء 90 مليون سيحاسب عنهم يوم القيامة، الرئيس يؤمن بالثواب والعقاب الآلهى ويردد ذلك كثيرا فى خطبه، عليه أن يعمل للصالح العام وليس لصالح فئة دون أخرى، وأن يضع فى اعتباره وعده للشعب المصرى بتحسن الأحوال وخاصة أوضاعنا الاقتصادية.
لكن الرئيس لديه أزمة سيولة ضخمة تقف حجر عثرة أمام طموحاته، بإقامة مشاريع عملاقة يعتقد أنها وحدها القاطرة التى يمكن تشد قطار التنمية وتقضى على الكثير من المشاكل المزمنة ، الاعتماد على التمويل الخليجى او الدولى محدود ويتقلص شهرا بعد شهر ويشوبه العيوب وتثقل اعباءه وتبعاته، ليس أمامه الآن إلا التمويل الداخلى.
بدأ الرئيس ولايته بدعوة المصريين للتبرع لصندوق تحيا مصر، جعل من نفسه قدوة حين أعلن عن تبرعه بنصف ثروته التى ورثها عن أبيه (لم يقدم الرئيس السيسى إقرار ذمة مالية قبل خوضه الانتخابات الرئاسية، ولا نعرف على وجه الدقة حجم ثروته قبل توليه الرئاسة) ونصف راتبه كرئيس، ثم وضع حد أقصى للرواتب فى الدولة، ولكن هذا القرار تم تنفيذه فى قطاعات، واستثنى قطاعات أخرى سيادية.
حين عجز عبدالناصر فى منتصف خمسينيات القرن الماضى عن تمويل مشروع السد العالى، قام بتأميم قناة السويس ومن قبل طال التأميم الأثرياء والاقطاعيين، ولكن التأميم لم يعد قرار يمكن لدولة أن تلجأ إليه فى عصرنا، هناك طرق أخرى تلك إليها الدول ، فى حالتنا تلجأ الدولة لفرض مزيد من الضرائب المتنوعة على الشعب والسلع والمنتجات والخدمات، بالإضافة إلى حث رجال الأعمال على التبرع لمشروعات الدولة كما فى حالة السيسى.
التبرعات لصندوق "تحيا مصر" كانت مخيبة لآمال الرئيس، مبالغ لا يستطيع بها أن يحسن أوضاع القرى الأكثر فقرا، ولا أن يطور الخدمات ولا أن ينفذ مشروعات ضخمة تخلق فرص عمل لطابور العاطلين و...و...
لم يعد أمام الرئيس إلا أن يفتح صندوق اللعنات ، صندوق المال الحرام ، الذى جمعه عشرات ومئات من رجال الأعمال وكبار رجالات الدولة فى عهد مبارك وما زال فى حوزتهم حتى الآن، البعض حصل على المال السفاح بقوانين تساعد على الفساد والبعض الآخر بالخروج على كل القوانين حتى الفاسدة منها.
تبدو الأمور منطقية مع توقيت إعلان المستشار هشام جنينة حجم الفساد فى أربع السنوات الأخيرة، والذى أثار جدلا واسعا، بالرغم أنه لم يكن مفاجأة لأحد. الرجل سبق أن تحدث عن الفساد والجهات التى ترفض الرقابة عليها والصناديق الخاصة التى لا يعرف الشعب عنها شيئا، فهو لم يأتِ ببدعة، فنحن دولة ترفل فى الفساد منذ نصف قرن من الزمان ويتفاقم الأمر للأسف، فنحن حاصلون على شهادة فساد معتمدة دوليا.
أصبح تقرير هشام جنينة مثل ثورة يناير يثير حساسية البعض، وأعتقد أن أى شخص يهاجم هذه الثورة أو هذا الرجل فعليك أن تبدأ فى البحث عن صندوقه الأسود، ليس على طريقة عبدالرحيم على التى مهدت له الطريق إلى البرلمان، ولكن بمراقبة وقراءة تاريخ هذا المرتجف من ثورة الشعب فى 25 يناير ومن كابوس الفضيحة فى تقرير جنينة والذى ستكون نتيجته "الدفع لا الحبس".
لجنة تقصى الحقائق لم تنسف تقريرجنينة ولكنها اختلفت على بعض ما جاء فيه.
ليس هناك وسيلة أمام الرئيس الآن لاستعادة أموال الشعب المنهوبة وتطهير البلد، إلا بفضح الفساد والقضاء عليه فى كل مؤسسات الدولة بلا استثناء... بلا استثناء، ومطالبة الفاسدين بأن يعيدوا ما استولوا عليه من أموال الشعب الذى حرم من خيره، ولعل ما تم مع مساعدى حبيب العدلى هو أول الغيث، فهل من المعقول أن يقبض حفنة من الأشخاص (مساعدى حبيب العدلى) كل تلك الملايين بالقانون، أى قانون هذا الذى يمنح هؤلاء الملايين، فى حين يحرم ملايين من الشعب من ماء شرب نظيف ومن رعاية صحية آدمية لعدم توفر الميزانية!
حان الوقت ليثور السيسى على نظامه، يثور على الفساد، ربما حاول أن يؤجل الحرب على الفساد قدر الإمكان خوفا من توابعها، فهناك أكثر من جبهة مفتوحة أمامه وللفساد شياطين فى كل مكان، ولكن ظروف مصر لا تحتمل تأجيل، وليس أمامه إلا أن يدخل عش الدبابير، ويفتح صندوق اللعنات المسكوت عنه.
هل يفعلها السيسى، ويحارب الفساد، ويستعيد الأموال التى هربها مبارك ورجاله؟

هذه الأموال الضخمة التى يمكن أن تكون بديل القروض الخارجية والمساعدات الخليجية، لو فعلتها يا ريس سيصنع لك الشعب من جسده درعا ليحميك من غدر الفاسدين وخيانتهم، فأمثال هؤلاء على استعداد لاغتيال أى شخص يفضح جرائمهم ويوقف فسادهم.
الله المستعان
[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية