يعانى سكان قرية «الحمراوين»، شمال مدينة القصير بالبحر الأحمر، الشهيرة بإنتاج وتصدير الفوسفات الخام، مأساة إنسانية وصحية، بسبب التلوث الناجم عن عمليات شحن وتصدير آلاف الأطنان من الفوسفات الخام، حيث يغطى الغبار المنطقة، ما تسبَّب فى هجرة العشرات من سكان القرية، بعد إصابتهم بأمراض الجهاز التنفسى والتحجر الرئوى، واضطر بعضهم لبيع منزله والانتقال إلى مدن أخرى.
«المصرى اليوم» رصدت بالصور الطرق البدائية لشحن الفوسفات الخام من ميناء الحمراوين على السفن، حيث يتجاهل مسؤولو شركة «النصر للتعدين»، التى تصدر شحنات الفوسفات الخام، توصيات وزارة البيئة ومحميات البحر الأحمر طوال السنوات الماضية، ورفضت توفيق أوضاعها البيئية، بالإضافة إلى وجود عدد من المخالفات، منها عدم تغطیة السیر المستخدم فى عملیات الشحن من منطقة التشوين لداخل سفن الشحن، وكذلك التشوینات المتواجدة خارج المخزن المخصص للتشوین، والتى یتسبب وجود أى كمیة فى الهواء فى تطایرها والتسبب فى تلوث الهواء بالمنطقة.
وكشفت مصادر عن وجود تأثیرات بیئية سلبية للشركة والأعمال التى تتم بها، تتمثل فى تلوث الهواء والجو فى المنطقة المحیطة بالشركة، والممتد لمسافات طویلة، مشيرة إلى أن القیاسات السابقة لحالة التلوث الجوى، والتى تم التوصل إليها عن طریق معامل الفرع الإقلیمى لجهاز شؤون البیئة بالمحافظة، تتمثل فى مخالفة الشركة للحدود المسموح بها بقانون البیئة 9 لسنة 2009، ویمتد التأثیر السلبى للشركة على العاملین بها وعلى السكان المقیمین بمدینة الحمراوین ومدينة القصير وعلى الفنادق والقرى السياحية جنوب الميناء، حتى إن العاملین بالميناء يعانون من الحالة الصحية والبيئية التى یتعرضون لها من تأثیر خام الفوسفات وتناثره فى الهواء نتیجة المخالفات الموجودة بالشركة.
وطالب الدكتورأحمد غلاب، خبير بيئى، بإلزام مسؤولى الميناء وشركة الشحن بالمعايير والشروط البيئية، من خلال تغطیة جمیع سیور الشحن بمنطقة رصیف المیناء، للحد من انتشار غبار الفوسفات، وسرعة إجراء عملیة تركیب «الشوت التلیسكوبى» بصفة عاجلة، وإنشاء محطات رصد هواء ثابتة بمواقع الشركة المختلفة، على أن یتم إیقاف أعمال الشحن فى حالة زیادة تلوث الهواء على الحدود المسموح بها فى قانون البیئة، على أن تتم متابعتها بمعرفة معمل رصد نوعیة الهواء بالفرع الإقلیمى لجهاز شؤون البیئة، وإنشاء حزام شجرى حول منطقة الأعمال بالشركة، للحد من تلوث الهواء بغبار خام الفوسفات، وإزالة جمیع التشوینات من المنطقة الشاطئیة، والإسراع فى إنشاء مخازن جدیدة، لمنع أى تشوینات دون تغطیة، وصيانة رصیف المیناء بصفة دوریة وإعادة شحنه مرة أخرى، وتكریك خام الفوسفات المتساقط بمنطقة الشاطئ، واستمرار عملیات الرصد لنوعیة المیاه بمنطقة میناء الحمراوین بصفة دوریة.
ورصدت «المصرى اليوم» تغطية الغبار المنبعث من ميناء شحن وتصدير خام الفوسفات سماء منطقة الحمراوين وشمال منطقة القصير خلال عمليات الشحن بالمخالفة للشروط والضوابط، بسبب الغبار المتناثر فى الهواء جرَّاء عمليات شحن الفوسفات الخام على السفن بميناء الحمراوين دون مراعاة للشروط والضوابط البيئية، التى طالبت وزارة البيئة مسؤولى الميناء بتطبيقها، وأدت هجرة السكان من الحمراوين إلى تدنى الكثافة الطلابية بمدارس القرية، وتم إغلاق المدرسة الإعدادية، بعد أن وصل عدد الطلاب بالأعوام الماضية إلى أقل من 30 طالبا وطالبة، وأن غبار الفوسفات الخام الذى تحمله الرياح يتسبب فى ارتفاع عدد المصابين بالسل والتحجر الرئوى، وتسَبَّب التلوث فى قيام عشرات السكان بالهجرة وترك منازلهم بمنطقة الحمراوين، حيث يمتد الغبار حتى الفنادق والقرى السياحية شمال القصير والبيئة البحرية، حيث توجد ترسيبات عالية للفوسفات فى مناطق الشعاب المرجانية.
وأكدت مصادر بيئية بالفرع الإقليمى لجهاز شؤون البيئة بالغردقة أن ميناء الحمراوين من الموانئ المُلوِّثة للبيئة البحرية والجوية، وأنه مخالف للشروط البيئية، وتم تحرير عدة بلاغات ضد مسؤولى الميناء، بسبب غبار الفوسفات، الذى يتطاير فى الجو ويمتد تأثيره لعدة كيلومترات، ويتساقط فى البيئة البحرية، وأن تلوث الفوسفات يهدد سكان المنطقة بالأمراض الصدرية، ويهدد الفنادق والقرى السياحية القريبة من المنطقة.