x

متخصص في الطب الصناعى: ذرات الرمل تصيب بالتحجر الرئوي و«الألمونيوم» بالجنون

الأحد 17-03-2013 21:41 | كتب: أحمد مجدي رجب |
تصوير : نمير جلال

«أموت فى الشغل أحسن ما أموت من الجوع».. جملة عفوية تليق بطفل لم يتجاوز عمره 12 سنة، قالها وهو يسعل، ردا على سؤال لمحرر «المصرى اليوم» الذى خاض تجربة العمل فى إحدى ورش مسابك التونسى لصهر المعادن، حيث تتصاعد الأدخنة الناتجة عن صهر الألمونيوم والنحاس والزهر، لتملأ المكان برائحة كريهة هى أقرب لـ«رائحة الموت».. إذن هو الجوع الذى دفع بـ«عادل» وغيره من الأطفال والشباب للعمل فى تلك المسابك، معرضين حياتهم للخطر، أو الحياة بإصابة مزمنة طوال حياتهم، حتى إذا ما نبههم أحد إلى الخطر لا ينطقون إلا بجملة واحدة: «هنعمل إيه».

هنا فى منطقة التونسى بالخليفة، حيث تنتشر مسابك المعادن.. السواد يكسو جميع الوجوه، فإذا لم يكن السواد يعلو وجوه العمال الواقفين أمام أفران «تسييح المعادن»، ستجده فوق عيون الأطفال بسبب الجوع والأمراض التى تحاصرهم من جراء الدخان المتصاعد من المسابك.. «المصرى اليوم» لم تشأ أن ترصد الأزمة من الخارج، وفضل محررها أن يعمل بنفسه فى إحدى ورش المسابك 7 أيام، ليرصد معاناة العاملين فى تلك الورش، والأمراض التى تحاصرهم، حيث يعانى معظمهم من أمراض الصدر والرمد، خاصة من الأطفال الذين يزداد عددهم مع دخول فصل الصيف، لاسيما بعد انتهاء العام الدراسى وبدء رحلة البحث عن العمل لإعانة أسرهم.

 

 

كشف الدكتور أحمد عمارة، أستاذ غير متفرغ بكلية طب قصر العينى- جامعة القاهرة، متخصص فى الطب الصناعى والبيئى، عن الأضرار الصحية التى تصيب الإنسان عند تعرضه لعمليات صهر النحاس والألمونيوم. فيما يخص الألمونيوم، أكد عمارة أن زيادة معدلات الألمونيوم فى الجسم تتسبب فى الإصابة بأمراض نفسية، مشيرا إلى أنه من المعروف علاقته بمرض «ألزهايمر» الذى يصيب كبار السن فوق الـ70 سنة، ولكن مع تعرض الشخص للألومنيوم يجعله يأتى فى سن مبكرة أقل من 60 عاما.

وقال عمارة إنه يتسبب فى الإصابة بحالة نفسية سيئة تصل حد الهياج، أو الإحباط والقلق، وقد يصل الأمر إلى نوع من الجنون، بالإضافة إلى تسببه فى الإصابة بمرض هشاشة العظام، وتأثيره الرئة والكليتين.

وأوضح عمارة أن عملية خلط الرمل الجبلى أو «الشيراتون» بالمادة الخام «الألمونيوم» هى الأخطر على الإطلاق، مشيرا إلى أن الرمل كيميائيا هو ثانى أكسيد السليكون، وإذا كان فى شكل ذرات صغيرة سهلة الاستنشاق مثل الرمل الجبلى و«الشيراتون» تصيب الإنسان المعرض لها بمرض يسمى «Silicosis» أو «التحجر الرؤى» الذى يعد من أقدم أمراض المهنة فى التاريخ البشرى، وتعد السيليكا الحرة المتبلورة المسؤولة عن هذا المرض الذى لا شفاء منه حتى الآن.

وأضاف: «خطورة هذا المرض متمثلة فى أنه حتى بمجرد التوقف عن العمل والتعرض لمسبباته، يستمر المرض مع الشخص، لكن مع تقليل الفترة الزمنية للaإصابة، فالمضاعفات التى من الممكن أن تحدث فى عام واحد أثناء عمله، يمكن أن تحدث له فى خلال عامين أو أكثر لو ابتعد عن العمل.

أما فيما يخص النحاس، فأكد عمارة أن تأثيره يكون شديداً على الجهاز العصبى والعين، ويصيب بمرض تلوين القرنية والقزحية، ويتسبب فى الإصابة بمرض الشلل الرعاش، بالإضافة إلى تأثيره على الكبد، والإصابة بمرض «الصفرا» للكبار والأطفال. وقال عمارة إن النحاس له تأثير مباشر على الأطفال، ويؤثر على ذكاء الأطفال العاملين بتلك المسابك وقدرتهم الاستيعابية، منوهاً بأن النحاس من المذيبات العضوية التى تؤثر فى جميع أجهزة الجسم وليس جهازاً بعينه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية