مثلت ثورات «الربيع العربى» اختبارا غير متوقع للسعودية التى كانت تتهم إيران بـ«محاولة تصدير ثورتها» لجيرانها، ولكن المملكة فوجئت بمظاهرات ترفع شعارات غير دينية مثل «الشعب يريد إسقاط النظام» و«عيش حرية عدالة اجتماعية»، وتطالب بتغيير الأنظمة.
واختلف تعامل المملكة مع دول «الربيع العربى»، فبينما رحبت بالرئيس التونسى المخلوع، زين العابدين بن على، ودعمت مصر بالمساعدات المالية عقب سقوط نظام الرئيس السابق، حسنى مبارك، رغم أنها اختلفت مع إدارة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، بشأن تخليها عنه، وزاد الخلاف مع التوصل للاتفاق النووى مع إيران، وقامت المملكة بتصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» كـ«منظمة إرهابية»، عقب عزل الرئيس السابق، محمد مرسى، مع تقديم مساعدات مالية، وفى سوريا طالبت الرياض برحيل الرئيس السورى، بشار الأسد، نظرا لتحالفه مع إيران، وتدخلت عسكريا فى البحرين لمساندة النظام فى مواجهة المظاهرات، بينما دعمت المبادرة الخليجية فى اليمن.
وداخليا، شهدت المملكة مظاهرات تأثرت بالاحتجاجات التى طالبت بإطلاق السجناء وبإصلاحات سياسية واقتصادية، وواجه العاهل السعودى المظاهرات بعدة إجراءات منها مكافحة الفساد وتوفير مخصصات مالية للعاطلين والموظفين والطلاب، وبناء نصف مليون وحدة سكنية، حيث أعلن عن إنشاء هيئة لمكافحة الفساد للتفتيش على جميع المشروعات والعقود الحكومية، وإصدار مرسوم على أن يكون الحد الأدنى لراتب الموظف ثلاثة آلاف ريال، وبصرف إعانات للعاطلين بقيمة 266 دولارا شهريا، وعلاوات للطلاب، وكذلك بناء 500 ألف وحدة سكنية.
وتوفير 60 فرصة عمل جديدة فى مجال الأمن بوزارة الداخلية، ومنح المواطنين مجموعة من المزايا تقدر قيمتها بنحو 35 مليار دولار.
وتوعد الملك، فى خطاب، بـ«ضرب كل من يحاول زعزعة استقرار المملكة مؤكدا أن «الجيش درع الوطن فى وجه من يحاول زعزعة استقرار البلاد، وهو القوة الضاربة لكل من تسول له نفسه المساس بالوطن»، وشكر الملك علماء الدين والمفكرين السعوديين، وقائلا: «إن أى أمة ترفع كلمة الحق لا خوف عليها»، وخاطب الشعب وحيا ولاءه قائلا إنه «يستمد منه العون بعد الله».
وكان العاهل السعودى الراحل تبنى مشروعا إصلاحيا حذرا، أبرز ملامحه هو إجراء أول انتخابات فى تاريخ السعودية، 2005، وتعيين 30 امرأة فى مجلس الشورى فى يناير2013، وتمكين النساء من المشاركة بالاقتراع فى الانتخابات البلدية للمرة الأولى، خلال 2015، وهو ما تم بالفعل، بالإضافة إلى افتتاح أول جامعة مختلطة فى المملكة، وهى جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية فى 2009.
وعلى صعيد تداول السلطة، أسس الملك الراحل لأول مرة هيئة البيعة، فى 2006، وأصدر أمرا ملكيا بتشكيلها برئاسة الأمير مشعل بن عبدالعزيز لتتولى مهمة تأمين انتقال الحكم بين أبناء أسرة آل سعود.