x

صلاح عيسي متى تستقيل حكومة شريف إسماعيل؟ صلاح عيسي الجمعة 22-01-2016 21:15


أوشكت المرحلة التمهيدية لدور الانعقاد الأول من الفصل التشريعى الأول لمجلس النواب على الانتهاء، ولم يبق فيها إلا ثلاث خطوات، هى تشكيل اللجان النوعية ووضع اللائحة الداخلية والتصويت على برنامج الحكومة.

ولا أحد يعرف حتى الآن كيف سيتم ترتيب هذه الخطوات الثلاث، وما إذا كان باستطاعة المجلس أن يقوم بها على التوازى مع ارتباط كل منها بالآخر، أو أن يجد وقتاً كافياً لإنجازها على التوالى بما يتفق مع المواعيد التى حددها الدستور لبعضها، أم أنه سيجد نفسه أمام ذات الأوضاع المرتبكة التى أحاطت به، بسبب الاختلال فى تركيبه، الذى ترتب على فوز المستقلين - بقدرة قادر - بالأغلبية من مقاعده.

وكل الشواهد تؤكد أنه ليس أمام المجلس سوى اختيارات ثلاثة، لترتيب هذه الخطوات الثلاث.. الاختيار الأول هو أن يبدأ بوضع قانون اللائحة الداخلية الجديدة للمجلس، ويؤجل انتخاب اللجان، وهو ما يتيح له - فضلاً عن تنظيم أدائه طبقاً للائحة تعتمد على الدستور الجديد - زيادة عدد اللجان من 19 لجنة إلى 27 لجنة، ويمكنه بالتالى من توزيع المناصب القيادية فيها، بين الكتل النيابية المتصارعة والمتنافسة، ويمكّن ائتلاف دعم مصر - الذى يدعى أنه يمثل الأغلبية - من استرداد المتمردين من أعضائه، والاختيار الثانى: أن يبادر باختيار اللجان طبقاً للائحة الحالية، ويقصر عددها على 19 لجنة، مع ما قد يترتب على ذلك من آثار سلبية على العلاقات بين الكتل النيابية، نتيجة لتكويش ائتلاف دعم مصر على النصيب الأكبر من المقاعد القيادية فى هذه اللجان، بل على العلاقات داخل الائتلاف نفسه بسبب التنافس بين أعضائه حول الحصول على نصيبهم من تورتة اللجان، والاختيار الثالث أن يظل المجلس من دون لجان، إلى حين ميسرة، وهو اختيار غير عملى وغير دستورى، لأن المجلس لا يستطيع أن يمارس عمله فى الرقابة والتشريع من دون تشكيل هذه اللجان، إذ هى الجهاز الفنى المتخصص الذى يتولى دراسة مقترحات القوانين قبل عرضها عليه، ومن بين ذلك أن هذه اللجان هى التى ستتولى دراسة برنامج الحكومة، تمهيداً لعرضه على المجلس لمناقشته، والتصويت على منحها الثقة أو حجبها عنها.

ويأتى موقف المجلس من طرح الثقة بالحكومة ليكون أعقد المسائل التى سوف يواجهها فى ختام المرحلة التمهيدية من دور الانعقاد الأول له، فالدستور ينص فى المادة 46 منه، على أن يكلف رئيس الجمهورية، رئيساً لمجلس الوزراء بتشكيل الحكومة وعرض برنامجها على مجلس النواب لتحصل على ثقته خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، وفى حالة حل مجلس النواب يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته وبرنامجها على مجلس النواب الجديد فى أول انعقاد له وهو ما يعنى أن على حكومة شريف إسماعيل أن تعرض برنامجها على مجلس النواب، وتحصل على ثقته بحد أقصى يوم 10 فبراير القادم، وأن أمام المجلس أسبوعين فقط، يفترض أن يجرى خلالهما تشكيل اللجان، بعد وضع اللائحة، أو طبقاً للائحة الحالية، والاستماع إلى برنامج الحكومة، الذى يقال إنه يحتاج لعرضه إلى عدة جلسات، ثم إحالته إلى اللجان، أو إلى لجنة خاصة من مقرريها ووكلائها، لتعد تقريراً عنه، ترفعه إلى المجلس ليكون أساس المناقشة العامة التى تجرى حوله، قبل أن يصوت المجلس على منحها الثقة أو حجبها عنها.

والسؤال الآن هو: هل تكفى مدة الأسبوعين للتوصل إلى حلول لمشاكل معقدة، ومتداخلة، ترتبط بعضها بمواعيد حددها الدستور، مثل إعداد اللائحة الجديدة لمجلس النواب وتشكيل اللجان النوعية، ومناقشة بيان الحكومة؟

ولأن هذه المدة لا تكفى بالقطع، فإن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو أن تقدم حكومة شريف إسماعيل استقالتها لرئيس الجمهورية، ليمارس سلطته الدستورية، فيكلفه بتشكيل حكومة جديدة من الوزراء أنفسهم أو بتعديل فى حقائبها، وبذلك تبدأ مدة الشهر التى يحددها الدستور، لتقديم برنامج حكومته إلى مجلس النواب، ومناقشته وحصوله على ثقة المجلس أو حجبها عنه، من تاريخ صدور القرار الجمهورى بتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما يعطى لمجلس النواب فرصة أسابيع أخرى، قد تمتد إلى منتصف مارس، يستطيع خلالها أن يلتقط أنفاسه، وينظم صفوفه، بعد الأشغال الشاقة التى قام بها خلال الأسبوعين الماضيين وأسفرت عن إقرار أكثر من 300 قانون، وهو إنجاز غير مسبوق يؤهله لكى يحتل مكاناً متقدماً فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية.

وصحيح أنه لم يمض على تشكيل حكومة شريف إسماعيل سوى ما يقرب من مائة يوم، وأنه من الإنصاف لها أن تتاح لها الفرصة لإثبات أهليتها للقيام بمسؤولياتها، ولكن من الصحيح - كذلك - أن علينا ونحن نؤسس لحياة ديمقراطية جديدة أن نلتزم بالتقاليد والأعراف الديمقراطية، ومن بينها أن يضع رئيس الوزراء استقالة حكومته بين يدى رئيس الجمهورية، بمجرد انعقاد مجلس النواب الجديد، وأن يستشير الرئيس رؤساء الجماعات السياسية الممثلة فى البرلمان حول اسم رئيس الوزراء الذى ينوى تكليفه، ليضمن على الأقل أن يحصل على ثقة ممثلى هذه الجماعات والأحزاب، وغيرها من التقاليد التى ربما لا تتضمنها نصوص الدستور، ولكنها بالنسبة للدول الديمقراطية العصرية بمثابة عرف دستورى ملزم، كانت مصر - خلال مرحلة من حياتها الديمقراطية والدستورية - من البلاد التى عرفته وطبقته، وآن الأوان لكى تعيد بعثه من جديد!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية