x

عمر حسانين 25 يناير خندق الشهادة عمر حسانين الجمعة 22-01-2016 21:14


هو نفس الخندق الذى اختاره رجال البوليس المصرى، هى نفس رسالة الفداء، «الموت من أجل الوطن»، قالها النقيب مصطفى رفعت، منذ عشرات السنين، للمحتل البريطانى: «لن تتسلموا منا إلا جثثاً هامدة».. هو نفس الانحياز إلى مصر وشعبها، تاريخ ممتد من التضحية، على جنباته آلاف الشهداء، يبدأ بـ80 رجلاً يوم جمعة 25 يناير 1952 ويصل إلى مَن ضحوا فى «كمين العريش» وشقة «اللبينى» فى الهرم.

وقصة الفداء بدأت سطورها الناصعة فجر 25 يناير 1952، يومها استدعى قائد قوات الاحتلال البريطانى فى منطقة القناة- «أكسهام»- ضابط الاتصال المصرى، المقدم شريف العبد، وسلمه إنذارًا بضرورة أن تسلم قوات البوليس المصرى «فى الإسماعيلية» أسلحتها، وترحل إلى القاهرة، بدعوى أن موقعها صار مركزا لاختفاء الفدائيين فى منطقة القناة.

ولم يكن للضابط المصرى رد إلا رفض الإنذار البريطانى، فأبلغ وزير الداخلية «فؤاد سراج الدين باشا»، الذى أقرّ الرفض، وطالب القوات بالصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.

وفقد القائد البريطانى أعصابه، وتحرك بكل قواته وحاصر قسم بوليس الإسماعيلية، وأرسل إنذارا إلى مأمور قسم الشرطة يطالبه بتسليم أسلحة جنوده وعساكره، وكان الرد بالرفض، وفوجئ القائد البريطانى المتعجرف بالنقيب مصطفى رفعت يصرخ فى وجهه: «لن تتسلموا منا إلا جثثاً هامدة».

ودارت رحى المعركة، ودفع 80 رجلا من البوليس المصرى حياتهم ثمناً للدفاع عن الوطن وكرامته، واشتعلت شرارة الثورة فى كل ربوع الوطن، لتنتهى بتحرير مصر من الاستعمار فى يوليو 1952.

وبعد سنوات طوال لم يتغير المنهج، هو نفس الفداء ونفس التضحية، حيث أسقطت ثورة الشعب نظاما ظالما مستبدا، فقفز على السلطة محتل جديد، حاول أن يستخدم درع الوطن ضد الشعب، فلم يستجب له حتى سقط «المحتل الجديد» فى 30 يونيو، فقرر الانتقام من الشعب وشرطته، اتخذ الإرهاب منهجا، والقتل والتدمير طريقا.

وتمسك رجال البوليس بمنهجهم، قبضوا على رسالتهم بكل قوة، دافعوا عن الوطن ومَن فيه، اختاروا أن يفتدونا بحياتهم، رَوَتْ دماؤهم الطاهرة مواضع كثيرة من أرض الكنانة، فشهيد يسلم شهيداً راية الكرامة مرفوعة، لا يلوثها تخاذل أو تراجع أو خيانة ولا مهادنة.

ومعركة الكرامة مستمرة، يخوضها رجال متمسكون بالثأر وتطهير الأرض من العدو الجديد وأعوانه، ومصر باقية مرفوعة الراية، تشق طريقها إلى مقدمة الصفوف، أما الخونة مصيرهم محتوم، نهايتهم إلى نفس مقبرة كل الخونة والغزاة والمعتدين.

تحية واجبة للذين ضحوا والذين يحملون الراية من بعدهم، تحية إجلال للشرطة وشهدائها فى يوم عيدها، يوم 25 يناير، يوم اختيار خندق الشهادة من أجل الوطن.

■ ■ ■

رسالة:

الأوطان تُبنى بالتضحية والنضال والفداء، أما الذين ينتهجون التخريب والتدمير، غايتهم ومنتهى أمانيهم أن يروكم فى ذيل العالم تتسولون «كسرة خبز»، هذا إذا بقيتم على قيد الحياة.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية