x

وسيم السيسي قراءة الأحرار.. وقراءة العبيد! وسيم السيسي الجمعة 22-01-2016 21:22


دعتنى أسرة إنجليزية على العشاء فى إنجلترا، جلست بجانبى طفلتهم باتريشا، سألتها: ماذا تريدين أن تكونى حين تكبرين؟!

قالت بحزم: آن بولين!

قلت لها: ألا تعرفين أن آن بولين أعدمها هنرى الثامن؟! قالت: حتى أقتل هنرى الثامن قبل أن يقتلنى!

وضعت يدى على سر تقدمهم، وسر تخلفنا! يعلِّمون أولادهم التاريخ دون انتقاء أو تزييف، وطالما نادت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد فى كتابها: أعيدوا كتابة التاريخ، تاريخنا انتقائى ومزيف، لذا لا نستفيد منه.

بالرغم من أن هنرى الثامن هو مؤسس كنيسة إنجلترا، وواضع مع ابنته إليزابيث الأولى أسس الإمبراطورية البريطانية، إلا أنه كان ظالماً، أعدم توماس مور وانشق عن كنيسة روما، وأعدم آن بولين 1536م بتهمة الزنى حتى يتزوج جين سيمور «الثالثة» من ست زوجات!!

درست باتريشا «عمر عشر سنوات» هذا التاريخ الدموى على حقيقته، فتمنت أن يعود الزمن بها خمسمائة عام حتى تنتقم لآن بولين وتقتل من قتلها.. هنرى الثامن مؤسس كنيسة إنجلترا!

كم من شبابنا يعرف ما فعله معاوية بمحمد بن أبى بكر؟! وما فعله يزيد بن معاوية بالحسين بن على بن أبى طالب، وما فعله الوليد بن يزيد بالقرآن الكريم؟ كم من شبابنا قرأ ما قاله الإمام على بن أبى طالب لحَبْر الأمة ابن عباس: أما تعلم أنك تأكل حراماً وتشرب حراماً، وتنكح النساء بأموال اليتامى، فيرد عليه ابن عباس: لئن لم تدعنى من أساطيرك لأحملن هذا المال إلى معاوية يقاتلك به!! من يعرف ما قاله عبدالملك بن مروان حين وصله خبر الخلافة؟ أطبق القرآن وقال: هذا آخر عهدى بك! ماذا يعرف شبابنا عن موقعة الحرة؟! ما حدث فيها تقشعر له الأبدان.

من قرأ قول أول خلفاء بنى العباس: أنا السفاح المبيح! وكان أول قرار له إخراج جثث الأمويين جميعاً لحرقها ونثر رمادها، ولما كانت جثة هشام بن عبدالملك صحيحة «التصبن الرمّى» جلدها بالسياط وحرقها!! هو ذا ابن المقفع يرسل برسالة رقيقة للمنصور «رسالة الصحابة» ينصح فيها الخليفة باختيار معاونيه، فيأمر الخليفة العباسى بتقطيع أطرافه و«شويها» على النار أمامه، وإطعامه أطرافه مجبراً حتى أكرمه الله بالموت فى النهاية!! لدينا شارع فى مدينة نصر باسم الخليفة الواثق، لو عرف الشباب تاريخه لمسحوا اسمه فوراً!!

استفادت أوروبا من كوارث رجال الدين، كيف أمروا بحرق عالم الفلك العظيم برونو، كوبرنيكس، لولا أن الموت أراحه منهم، وجاليليو، لولا أنه أقر أمام المحكمة أنه أخطأ فى دوران الأرض، وما جاء فى العهد القديم صحيح، خففوا الحكم إلى تحديد إقامته داخل بيته ثمانى سنوات، خرج من المحكمة يهمس فى أذن صاحبه: ولكن الأرض مازالت تدور! وصوت أبى العلاء يأتينا من الماضى البعيد:

إذا قلت المحال رفعت صوتى

وإن قلت اليقين أطلت همسى!

آفة حارتنا ليست فقط النسيان، كما قالها نجيب محفوظ، ولكن آفة حارتنا الكبرى هى عدم القراءة! الذين يقرأون لا ينهزمون لأن القراءة معرفة، والمعرفة قوة! والقراءة نوعان: قراءة الأحرار، وهى البحث عن الحقيقة والفرح بها حتى وإن خالفت الموروث، وقراءة العبيد، وهى الغضب والثورة إذا خالفت ما يعتقده، وأمير الشعراء يقول فى الهَمْزية النبوية: أبوا الخروج إليك من أوهامهم.. والناس فى أوهامهم سجناء!

ترى، لو أن أنصار عودة الخلافة قرأوا التاريخ.. هل كانوا يحلمون بها؟ إنها مسؤولية التعليم والإعلام، فمتى يفيق الاثنان؟!

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية