تبلغ مساحة هولندا حوالى 41.543 كم، نصف هذه المساحة يقع تحت مستوى
سطح البحر حيث يقطن حوالي 21% من إجمالي السكان، بينما يقع نصف أراضيها الآخر في أقل من متر واحد (3.28 قدم) فوق مستوى سطح البحر، وتتشكل معظم أراضي هولندا من مصبات ثلاثة أنهار أوروبية مهمة والتي تشكل مع أفرعها دلتا الراين- الماس- الموز والتى تصب في بحر الشمال. كما أن أكثر من خمسي أراضيها كان مغطى بمياه البحر أو المستنقعات.
في عام 1953 أسفرت الفيضانات في هولندا عن مقتل ألف و835 شخصاً وتشريد 72 ألفاً في جنوب غربي البلاد. ومنذ ذلك الحين، قرر الهولنديون منع مياه البحر من أن تغرق أراضيها من خلال شبكة سدود سكيلت والذى يبلغ طوله ثلاثة كيلومترات مما خلق من دلتا هولندا المكان الأكثر أمناً في العالم وجعلت من هولندا خامس أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وثانى أكبر بلد مصدر للمنتجات الغذائية والزراعية في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، كما أصبحت رائدة في مجال تقنيات إنشاء السدود وتصديرها إلى أنحاء العالم كلها.
ويقول خبراء المناخ إن التغيرات مناخية أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية مما تسبب في ذوبان كميات ضخمة من الجليد بالقطبين الشمالى والجنوبى وأدى إلى ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات بنحو 23 سم ويمثل ذلك تهديداً لمناطق الدلتا على مستوى العالم والتي تعد رئات اقتصادية ويعيش بها 10 % من سكان الأرض.
وفى مصر ومنذ عام 1995 تتلقى الحكومات المتعاقبة التقارير الدولية والعالمية التي تحذر من أن مصر سوف تكون من أكثر الدول تضررا من التغيرات المناخية، وتشير الدراسات أن أكثر من 30٪ من أراضى دلتا النيل (حوالى 15 مليون مصرى بالإضافة إلى 1.5 مليون فدان من أخصب أراضى مصر الزراعية) مهددة بالغرق عام 2030، طبقا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية للتغيرات المناخية (IPCC)، بالاشتراك مع منظمة الأرصاد العالمية (WMO)وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. كما كشف الدكتور علاء النهرى نائب رئيس المركز الإقليمى لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة، وممثل مصر بلجنة الاستخدام السلمى للفضاء أن دلتا النيل فقدت حوالى 5 كم من فرعى رشيد ودمياط كنتيجة لأرتفاع سطح البحر بالإضافة حجز السد العالى للطمى أمامه مما سبب إنخفاض كمية المياه العذبة والرواسب والطمى التي يلقى بها النيل في البحر المتوسط وهو ما أدى إلى تآكل 5 كم من شواطئ الدلتا، كما أدى إلى أن مياه البحر أصبحت على عمق 70 سم من سطح أراضى دلتا النيل مما يعنى أن إمكانية أرتفاع ملوحة الدلتا ويجبر مصر على التوسع في زراعة الأرز (لغسيل الدلتا وخفض نسبة الملوحة) وهو ما يعنى أرتفاع إستهلاك حصة مصر من مياه النيل في وقت قد تتعرض فيه مصر لخفض حصتها أثناء مرحلة ملء بحيرة سد النهضة في إثيوبيا .
إن إنقاذ دلتا النيل مسألة حياة أو موت لمصر ويجب على الدولة أن تعلن عن مشروع قومى لأنقاذ دلتا النيل والاستعانة بخبرة هولندا في هذا الشأن بخطة عمل محددة وواضحة المعالم حيث ساهمت هولندا في نقل تكنولوجيا تأمين الأراضى من القيضانات إلى دول عديدة مثل نيواورلينز في الولايات المتحدة وأستراليا ودلتا الميكونغ في فيتنام. إن مصر لا تتحمل فقدان أراضى الدلتا النيل الزراعية ولا نستطيع ان نتحمل تهجير سكانها وإعادة توطينهم مرة أخرى فهل نبدأ في إنقاذ دلتا النيل من الغرق قبل فوات الأوان.