x

عباس الطرابيلي سد النهضة.. وسلبية جامعات مصر عباس الطرابيلي الثلاثاء 19-01-2016 21:26


فى قضية سد النهضة كان هناك سؤال يلح على عقلى هو: لماذا الغياب العلمى - وليس الإعلامى - عن هذه القضية، التى أراها أخطر قضية تهبّ على مصر وتهدد حاضرها.. وتحولنا إلى.. تاريخ!! وكذلك الغياب الشعبى، الذى يقف الآن، عند مجرد القلق على نقص المياه.. وأين كل جامعاتنا التى كانت أولى جامعات أفريقيا والشرق الأوسط.. وبها للأسف أقسام للسدود والرى والهيدرو بكل أنواعها وبها مئات الأساتذة المتخصصين فى علوم المياه.. ولماذا تركنا الملف لوزارة الرى - فترة طويلة - ثم معها وزارة الخارجية، وأخيراً المخابرات العامة.. ولماذا لا يتحرك الشعب والمجتمع المدنى كله.. ليصل الصوت المصرى «كله» إلى العالم كله؟ حقاً.. كان هذا الصمت يحيرنى.

ولكن مساء - أمس الأول - جاءتنى الإجابة، فقد تحركت جامعة سيناء، وإن ظلت «جامعة القاهرة» أم الجامعات المصرية تغطّ فى نومها وهى الجامعة التى أفخر أننى كنت يوماً من طلبتها.. أقول تحركت جامعة سيناء - وهى من أحدث جامعات مصر - لتجيب عن تساؤلاتى.. لكى تسهم فى القضية وتُثريها علماً وبحثاً.. عندما أخذ المبادرة الدكتور حسن راتب، رئيس مجلس أمناء الجامعة، ويدعونا إلى ندوة تتناول «سد النهضة.. سيناريوهات المخاطر والحلول» فى مقر رئاسة مجموعته «القومية» مجموعة سما.

وجاء مع تحرك جامعة سيناء «العلمى» تحرك مطلوب - وعلمى أيضاً - من المجلس العربى للمياه، ورئيسه الدكتور محمود أبوزيد، وزير الموارد المائية والرى الأسبق، ومع هذين جاء جانب آخر.. شعبى هذه المرة هو «جمعية صوت النيل».

والندوة التى لم تغب عنها وزارة الموارد المائية، وحضرها نيابة عنها الدكتور علاء ياسين، مستشار الوزير، حضرها لفيف من المهتمين بقضية المياه ومستقبل مصر المائى، فى مقدمتهم الدكتور إسماعيل عبدالجليل، رئيس مركز أبحاث الصحراء، الذى يستحسن اسم: معهد علوم الصحراء.. وأنا معه.. ولفيف من رجالات علوم المياه والسدود السابقين، وأساتذة الجامعات، ولم يغب عن عقل الدكتور حسن راتب أن يستدعى، ليستفيد من علم وخبرة رجال القانون الدولى، الدكتور مفيد شهاب، الحجة المصرية العالمية فى هذا القانون بكل خبرته الرائعة فى قضية طابا، ومازال هذا العالم الجليل يعمل فى مجال التحكيم والقضايا الدولية.

ولأننى «غارق حتى أذنى» فى قضية النيل، حرصت على الحضور.. والمساهمة بما أعلم، وأنا أعلم الكثير، والكثير جداً، عن هذه القضية.

بداية عبرت كلمة الترحيب التى ألقاها الدكتور حسن راتب عن أهمية المياه.. بالذات عن النيل، الذى كان إذا ذكرت اسم النيل يتداعى فوراً اسم «مصر».. قال الدكتور حسن: إن النيل يمثل الحياة لمصر.. ولكن مصر لم تتعرض منذ بدء التاريخ لمثل ما تتعرض له الآن، ونحن نستشعر الخطر الحقيقى المحدق بنا، من هنا ومن هناك - وطبعاً يقصد من (هنا) الإرهاب الداخلى، ويقصد من (هناك) الإرهاب الإثيوبى الذى يحدق بمصر من خلال مشروعها عن النهضة لهم - والموت لنا.

وقال إن مبادرة هذه الندوة جاءت جامعة سيناء لتدلى بدلوها فى القضية كجهة محايدة علمية بعيدة عن الهوى.. وتطلعت الجامعة إلى بيت الخبرة العالمى، أى إلى المجلس العربى للمياه لينظما هذا الحوار، وهدفنا ألا نهوِّل.. أو نهوِّن من الأمر.. وأن تخضع القضية كلها للمدلول العلمى بقدر أهمية القضية.. أى نعطى لبيوت الخبرة المقام الأول، فى إطار علمى محايد.. نقول ذلك لأن 6 وزراء للرى، خلال 10 سنوات تولوا المسؤولية منذ عرف الناس قضية هذا السد.. فماذا فعلوا.. والسؤال من عندى، وليس من عند الدكتور حسن راتب.

ووقف الدكتور محمود أبوزيد، وزير الموارد المائية الأسبق، «11 عاماً وزيراً» ليروى الحكاية.. وكيف أن النيل الأزرق يعطى 50 مليار متر مكعب سنوياً، أى 68٪ من حصة مصر، من مياه النيل، وقال إن الإصرار الإثيوبى ظهر منذ كانت فكرة هذا السد، مجرد واحد من أحد سدود أصغر حجماً.. الهدف منها - فى الغالب - توليد الكهرباء.. وربما لبعض الزراعات، وعندما وضعت إثيوبيا حجر الأساس كان الكلام عن سد معقول 11 مليار متر مكعب، ولكنها قفزت فجأة إلى 14.5 مليار، بعد أن زادت حدة الأوضاع فى مصر.. ثم إلى 74 ملياراً.. هنا ظهر الإصرار الإثيوبى - ومن عندى أقول ككاتب - هل كانت إثيوبيا ضالعة فى المخطط الذى يستهدف ضرب مصر وتدميرها؟!

واضطرت مصر فى مارس الماضى إلى الاتفاق على 10 مبادئ، لتظهر القاهرة حسن نواياها.. وترسخ مبدأ التعاون، وأن المكاسب للجميع.. لتحقيق التنمية هناك وأن تكون الكهرباء للتنمية.. مع مبدأ عدم التسبب فى ضرر لنا، فى مصر، أى مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول ومبدأ بناء الثقة.

ولكن هل إصرار إثيوبيا الحالى على الإضرار بمصر يؤكد أنه لا ضرر ولا ضرار؟! هذا ما نذكره غداً.. إن شاء الله.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية