x

عباس الطرابيلي الشعب.. ماذا يتوقع من خطاب الرئيس؟ عباس الطرابيلي الخميس 14-01-2016 21:25


الآن.. وقد اكتملت أركان الدولة، دعونا نتكلم عن المستقبل.. ولا نتحدث عن الماضى، أو حتى عن الحاضر.. فقد «شبع» الشعب من الكلام عن الماضى، ويحلم أن يستمع إلى الجديد.. إلى خطة الغد والمستقبل.. فهل يمكن أن يتحدث الرئيس عن هذا المستقبل الذى نحلم به جميعاً.

أنا - شخصياً - وكل الشعب يعرف أن رئيس الجمهورية سوف يفعل ذلك وبإيمان شديد.. وسوف يحدد لنا الرئيس - فى خطابه المتوقع والأول - أمام مجلس النواب الجديد، رؤيته، واستراتيجيته.. وأحلامه لمصر الحديثة.. ونقول ونتساءل: هل نتوقع خطاباً تقليدياً يعيد لنا خطابات رؤساء مصر السابقين.. أو حتى قبلها من خطب العرش، فى العصر الملكى.. حيث كان رئيس الحكومة يقوم بتلاوة خطاب العرش.. عند بداية كل برلمان وهى نفس ظروفنا الآن.. وأتذكر هنا أننا، ونحن شباب صغار قبل يوليو 1952، كنا نتندر عليه ونسخر عندما كان رئيس الحكومة يقول من خطاب العرش «وستعمل حكومتى على رصف الطريق الجوى من القاهرة إلى أسوان»!!

ولقد اشتعلت ثورات.. وانطلقت انتفاضات منذ عصر «رصف الطريق الجوى» ولم يعد الشعب يصدق مثل هذا الكلام.. فقد «شبع» الشعب كلاماً.. وأصبح ينتظر الأفعال.. والأفعال الكبار، ولم يعد يقنع بما يقرؤه الرئيس - أى رئيس - من خطاب العرش.. ولكن ترى: ماذا يتوقع أو ينتظر الشعب، ونقولها بكل صراحة «ماذا يطلب الشعب» من خطاب رئيس الجمهورية القادم، أمام البرلمان، بعد أيام قلائل؟

أقول بكل صدق إن الشعب الذى ثار وأسقط رئيسين، بل نظامين، «يطلب» من الرئيس استراتيجية بعيدة المدى، تحدد معالم الطريق، ليس لعشر سنوات مثلاً.. بل لعشرات عديدة قادمة من السنين، ولهذا يريدها الشعب «خطة متكاملة» تنهض بالأمة وبالوطن فى كل المجالات.

ففى قطاع التعليم، لا نريد فقط سياسة تعليمية تعيد لنا - مثلاً - نظام التعليم المصرى القديم الذى كان يتساوى مع التعليم الإنجليزى والغربى عموماً، بل نريده تعليماً يكون القاعدة الأساسية للتقدم وتعويض ما فات.. وربنا يعفو عمن تسببوا فى مأساة ما نحن فيه الآن من تعليم.. ولنبدأ - من الصفر - كما بدأ محمد على باشا وحفيده إسماعيل.. فهذا هو الطريق.

وفى قطاعى الزراعة والصناعة، كانت مصر تستكفى من إنتاجها.. بل وتزيد صادراتها عن كل ما تستورده من الخارج.. حتى أوائل الأربعينيات.. وعندى كل الأرقام.. لأن شعباً لا ينتج ما يأكل أو يلبس ويعيش.. عليه العوض.

وكذلك فى قطاعات الإنتاج الأخرى.. وليس كما نحن الآن فى أسوأ أحوالنا الإنتاجية، إن كنا ننتج شيئاً الآن.. وقارنوا بين إنتاجية المواطن المصرى الآن.. وإنتاجية أى مواطن آخر فى دولة أخرى!! أما عن الخدمات فالحديث لا ينقطع.. فقد نسى المصرى طريقه إلى المستشفى الأميرى، الحكومى، وأصبح يدفع كل ما يملك ليذهب إلى المستشفى الخاص أو الاستثمارى.. وإلى الطبيب الخاص، حتى أصبح العلاج حرفة من يبحث عن الثروة والجاه.. وعادت حكايات «الخمسة عين» حلم كل طبيب، وهنا لا نكتفى بما ورد فى الدستور عن زيادة استثمارات الدولة فى قطاعى التعليم والصحة.. إذ حتى هذه الزيادة لا تكفى الآن.

ولا نريد أن ندخل فى تفاصيل دور وواجبات الحكومة والدولة.. فقد تجاوزت مطالب الأمة كل ذلك، فالشعب يريد برنامجاً واضحاً واستراتيجية تنفذ، لا تذهب أوراقها إلى باعة الترمس وقراطيس اللب.. ونتساءل هنا: أين معهد التخطيط القومى وعلماؤه.. أم هاجروا، مع من هاجر من عقول الأمة؟

نريد من رئيس الجمهورية أن يضع لنا - وحوله كل عقول المصريين - خطة يلتزم بها البرلمان.. وتتعهد الحكومة بتنفيذها، مهما كان الثمن.. وأن تخصص «الدولة» كل مليم - إن كنا نسينا المليم - لتنفيذ هذا الحلم المصرى.. حلم النهضة والبناء والتنمية.. ودون ذلك يكون الشعب الذى ثار.. ضاعت عليه كل أحلامه التى ثار من أجلها.. وأن يلتزم هذا البرلمان - وكل برلمان يأتى بعده - بمراقبة تنفيذ هذا الحلم، الذى يجب أن يشمله خطاب السيد الرئيس، حتى ولو استمر تنفيذه 50 عاماً أو أكثر.. وأن نخصص له كل جهدنا وعرقنا.. وعملنا، حتى ولو عدنا للعمل «الفعلى» ستة أيام فى الأسبوع لأنه حرام أن نستمر فى إهدار أيامنا.. فى حكاية إجازة يومى الجمعة والسبت من كل أسبوع!!

نريد خطاباً «ثورياً» من السيد الرئيس، خطاباً ثورياً، حضارياً.. إصلاحياً.. اجتماعياً شاملاً يشترك فيه كل عقول الأمة، يعبر به الرئيس عن تطلعات الشعب كله.. ليحس الشعب بأن ما فقده من شهداء لم يفقده هدراً منذ يناير 2011 وحتى الآن.

وفى رأيى، أن خطاب الرئيس أمام البرلمان بعد أيام يجب أن يكون هو دستورنا للحياة.. مهما كان الثمن نريده برلماناً يعبر عن أحلام الرئيس نفسه، وأحلام الرئيس هنا، هى نفس أحلام الشعب.. وهنا نحلم - مع الرئيس - أن يكون البرلمان الجديد هو جهاز الرقابة الشعبية الحقيقية، ليس فقط للرقابة على أعمال الحكومة.. ولكن لتحقيق أحلام الأمة.

ونحن على ثقة أن أحلام الرئيس لن تكون أقل من أحلام الأمة.

** هذا هو ما يطلبه الشعب من خطاب الرئيس أمام البرلمان، فهل يفاجئنا الرئيس بما هو أكثر من هذه المطالب؟

أنا نفسى أتوقع ذلك.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية