البرلمان خطف الأنظار. حالة ترقب. بث الجلسات جعل الأمر شعبوياً. الناخب يستطيع أن يرى ويشاهد مَن منحه صوته وهو يتحدث ويناقش ويطرح القضايا. فرز على الهواء مباشرة. البعض يطالب بقطع البث. لا أراها فكرة جيدة. أرى القاعدة تكون البث للجلسات. والاستثناء هو قطعها. فى حالات الضرورة. فى المناقشات التى تستدعى السرية. مثل الأمور المتعلقة بالقوات المسلحة. بإدارة ملفات خارجية حساسة.. وما شابه ذلك.
صحيح أن البرلمان أصبح مادة خصبة للتنكيت. للضحك. للسخرية. كل هذا لا غبار عليه. ليس عيبا. العيب أن نقطع البث. أن نمنع المواطن من المشاركة. من حقه فى تكوين رأى عن نائبه الذى انتخبه. كل التجارب البرلمانية تنضج إذا توافر لها المناخ الديمقراطى. الشفافية. الرقابة من الجمهور. والمجتمع المدنى. بمرور الوقت سنتعلم. سننصت للمناقشات المهمة. التى تمس مصالحنا المباشرة. سنتوقف بكل تأكيد وسننصت لأى مناقشات تتعلق بالتشريعات والقوانين الخاصة بالدعم. المتعلقة بالتأمين الصحى. بالتأمينات الاجتماعية. سوف نهتم بكل تأكيد عندما تتعلق المناقشات بمستقبل أولادنا بنظام التعليم بمستقبله. بمواجهة البطالة. عندما تتعلق المناقشات بالفساد. بحجمه. بطرق وأساليب مكافحته. عندما تدور حول مناخ الاستثمار وتشجيع الأعمال. كل هذه قضايا تدخل فى صلب اهتمامات المواطن.
بث الجلسات ليس بدعة. جميع برلمانات العالم تبث جلساتها على الهواء مباشرة. فى أمريكا تم تخصيص محطة كاملة وموقع إلكترونى لبث الجلسات. مجلس العموم البريطانى يفعل الأمر نفسه. فى ألمانيا سبقوا الجميع. لم يكتفوا بالبث. بل من حق أى إنسان أن يقوم بزيارة البوندستاج ودخول البرلمان الألمانى ومشاهدة الجلسات.
استمرار البث فضيلة. قطعه نقيصة. سوف تنكشف الأحزاب. سوف يظهر مدى انحيازها للمواطن. لأن فى الغرف المغلقة تحدث الكوارث. تحدث الاتفاقيات السرية. ومعها تحدث التشوهات السياسية. مَن يتأمل فى خريطة التكتلات السياسية داخل البرلمان يشعر بالدهشة والحيرة فى آن واحد. مثلاً «المصريين الأحرار» فى تكتل منفرد. «الوفد» اختار أن يكون فى تكتل آخر. المفترض أن الاثنين فى تكتل واحد. هما الأقرب فكرياً. أيديولوجياً. مواقفهما تقريبا واحدة. على الأقل على المستوى النظرى. أعتقد أن «الوفد» خانه التوفيق فى الاختيار. خانه التوجه. بالتأكيد «الوفد» خسارة كبيرة. له تاريخ. له جذور. له شعبية فى الماضى. يعجز أن يستحضرها الآن لأنه ينحاز للاختيارات الخاطئة. ينحاز لمصالح ضيقة. لاعتبارات أقل قيمة مما نظن.
مازالت هناك فرصة للتصويب. فرصة لتحقيق ما تقتضيه المصلحة العامة. ومصلحة «الوفد» كحزب. نخسر كثيراً بفقدانه فى موقعه الصحيح.