x

رجب جلال البحث عن مفيد شهاب رجب جلال الخميس 07-01-2016 21:18


أقرت مصر إذن بأن سد النهضة الذى تواصل إثيوبيا بناءه أصبح أمراً واقعاً، إذ بدأت التفاوض هذا الأسبوع على إنشاء فتحات طوارئ أسفل السد لضمان زيادة معدلات تمرير المياه إلى النيل الأزرق، بهدف تقليل الآثار السلبية المتوقعة لعمليات التخزين.

كالعادة، ننتظر وقوع المصيبة لنحاول التعامل مع آثارها، على طريقة توزيع خيام على ضحايا الأمطار بدلا من الاهتمام بالصرف، والبحث عن متهم فى حوادث القطارات بدلا من إصلاح المزلقانات والإشارات، وهكذا، وكان من الممكن الوصول إلى حل حاسم لأزمة مشروع السد، بجهود مركزة فى محور آخر، بدلا من تراكم الفشل فى 11 جولة مفاوضات ثلاثية وسداسية، ومئات الرحلات المكوكية إلى الخرطوم وأديس أبابا.

المحور الذى أعنيه هو الطريق القانونى ذو المواد والنصوص القاطعة، بدلاً من ألاعيب السياسة وأكاذيبها، وتقلباتها من التحالف إلى العداء بين عشية وضحاها، والعكس، ولا أعرف لماذا اعتمدت مصر على السياسة فى حل الأزمة، منذ بدأت إثيوبيا بناء السد استغلالا لانشغال مصر فى الخراب الذى عم ربوعها بعد نكسة يناير المجيدة، رغم أن طوال الفترة الماضية لم يكن لدينا سياسيون، فهل يصدق أحدكم أن محمد مرسى أو هشام قنديل كانا سياسيين؟

لا أعرف لماذا نسيت مصر أو تجاهلت الدكتور مفيد شهاب، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، وزير التعليم العالى الأسبق، والأهم من المنصبين أنه أحد المترافعين الشرسين فى قضية التحكيم الدولى التى أقامتها مصر لاستعادة طابا، (بالمناسبة القاهرة تذكرته مؤخراً ورشحته لحضور اجتماع فريق من الخبراء القانونيين من بعض الدول العربية، لدراسة البدائل والاقتراحات والتوصيات اللازمة لدعم الجهود والتحركات العربية والفلسطينية لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطينى).

«شهاب» هو أحد فقهاء القانون الدولى، ومن أبرز أعضاء اللجنة التى شكلها الرئيس الأسبق حسنى مبارك عندما شعر بأن إسرائيل اعتقدت أنه برحيل الرئيس أنور السادات يمكن لها أن تحتفظ بقطعة من سيناء، فضلاً عن أن رفضها الانسحاب من طابا كان اختباراً للرئيس الجديد مبارك، فى علاقته بتل أبيب، لكن الرئيس صمم على استعادة كل شبر من أرض مصر، وعقد اجتماعاً عاجلاً بوزارة الخارجية، قرر خلاله بدء التفاوض السياسى لاسترجاع طابا، إلا أن السياسة لم تصل لشىء كما توقع مبارك، فقرر تشكيل اللجنة القانونية، وضم علماء تاريخ وجغرافيا وخبراء دبلوماسية إليها، وتمسك بالتحكيم ورفض التوفيق لأن الأخير يعنى دخول طرف ثالث يصدر توصية لا قيمة لها إلا بموافقة الطرفين، وكان يدرك أنه يمكن مجاملة إسرائيل أمام المحكمة الدولية فتصدر حكماً نهائياً، وتضيع طابا إلى الأبد.‏

وبدأ «شهاب» المعركة القانونية فى جنيف بإعداد المذكرات من خلال ممثل وزارة الخارجية ودينامو لجنة الدفاع فى ذلك الوقت، نبيل العربى، أمين عام جامعة الدول العربية حالياً، وقدمت اللجنة مذكرة قانونية قوية جداً بها خريطة رُسمت عام ‏1906‏ عندما كانت مصر جزءا من الولاية العثمانية، سلمتها تركيا لمبارك فى يده، ورفض مبارك نصيحة بحل الأزمة ودياً بعد تسريب معلومة بأن الحكم سيصدر لصالح إسرائيل، حتى صدر الحكم و«سينا رجعت كاملة لينا».

هذه بعض تفاصيل معركة طابا التى تعنى‏ ضرورة العمل بالأساليب العلمية ونصوص القانون، بعيداً عن فهلوة السياسة، فهل يمكن يا سيادة الرئيس تكليف الدكتور مفيد شهاب بمهمة جديدة لحل أزمة سد النهضة؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية