x

رامي جلال «ملعب» السياسة المصرية رامي جلال السبت 02-01-2016 21:22


إذا كانت الحياة مسرحًا كبيرًا، فإن الحياة السياسية ملعب كرة قدم متسع للجميع، يلعبون فيه، كل بطريقته، فيما يجلس الجمهور فى الدرجات المختلفة.

السلطة فى مصر لا تقوم عادة بأخطاء كثيرة، هى تراعى كل القوانين، لكنها تفعل شيئًا واحدًا فحسب، وهو السيطرة على «الحكم»، الذى يطوّع تلك القوانين كيفما شاء؛ فقد يقرر مثلاً أن لعب «الأوت» يكون بالقدم، أو أن الهدف يُحسب بهدفين، أو قد يلغى المباراة فجأة بسبب أن «ناموسة» تحوم فى الملعب وهو يريد الحفاظ على صحة الجماهير وحمايتهم من القرصات.

أحزاب اليسار تلعب بشكل جيد جدًّا، وغالبًا ما تقدم كرة ممتعة، لكن مشكلتها أنها، بدعوى «التفتح»، لا تستخدم حارس مرمى! فإذا أحرزت هدفاً، سكن مرماها عشرة، ولذلك هى تخسر وستستمر فى ذلك.

أما الأحزاب الجديدة فهى على نوعين، النوع الأول يطبق الاحتراف الكامل، حيث يأتى اللاعبون الجدد من كل حدب وصوب دون أن تربطهم أية علاقة بأى شىء إلا مصالحهم، هؤلاء يشاركون فى أى مباراة، و«الحكم» يفرح بهم لأنه يوحون للجماهير فى المدرجات، والآخرين عبر الأقمار الصناعية، بأن المباراة حقيقية واللعبة «حلوة».

النوع الثانى من الأحزاب الجديدة تلعب بالناشئين، وهم عادة مهرة لكنهم يعانون من نزق وميل إلى الاستعراض والمثالية، ولذلك تجدهم يقاطعون كل مباراة، ويريدون اللعب بقوانين لا تتوافر إلا فى أحدث المسابقات.

السلفيون يلعبون بطريقة (10-0-0)، حيث لا نصف ملعب ولا هجوم، فقط دفاع مُحكم، ولذلك يمكنك طوال المباراة مهاجمتهم، والفرح بالكرات التى ستصطدم بالعارضة، والانفرادات ذات الشكل الجميل، لكنك فى النهاية لن تحرز فيهم هدفاً بسهولة.. أما هم فينتظرون هجمة مرتدة يقلبون بها موازين المباراة.

النشطاء السياسيون يلعبون بليبرو صريح اسمه «البوب المقدس»، الذى يقوم بتوزيع الكرات وبدء الهجمات، فإن وجه الكره نحو «الاختفاء القسرى» لعب الفريق كله عليه، وإن مررها إلى مربع «العنف لا يولد إلا العنف» تبعه باقى اللاعبين.

أما المسؤولون فى مصر فهم لا يلعبون من الأصل، بل يجرون فى المكان بطريقة «اعمل نفسك بتلعب»، وطالما أن الجالس فى المقصورة «مبسوط» فإنهم يواصلون تمثيلهم وادعاء اللعب.

الإعلام غير المهنى والتابع يلعب على «مصيدة التسلل»، حيث يتم إفساد كل الهجمات المنظمة عبر ادعاء أن المهاجمين جميعهم إخوان.. أما البرلمان فيحاول اللعب بطريقة «اعملوا حيطة»، ليتحول من «برلمان» إلى «برطمان» تضع فيه السلطة مجموعة من الثمار لـ «التمليح»، ظناً منها أنها فواتح شهية، لكنها تتناسى أن الملح الكثير يرفع الضغط.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية