فى ظن أى ﺇنسان أنه قادر على وضع خطة. خطة لتخفيض الوزن. خطة للرياضة البدنية. خطة للاستيلاء على أملاك الغير.
لكن أى خطة لها فن. لها علوم ودروب ووسائل.
كل ما على صاحب الأمر هو أن يحدد «ماذا». «ماذا» هنا هو «الهدف». على واضع الخطة أن يحدد «كيف». الوسائل تختلف من هدف لآخر.
كان يوسف بطرس غالى يحدد هدفاً. من الضرائب. سواء الضرائب التجارية أو الضرائب العقارية. بعدها يذهب لأكبر بيوت الخبرة العالمية Machenzie. Booze Allen أو أمثالهما لوضع خطة التنفيذ بتوقيتاتها. يضعون أيضاً الخطة اﻹعلامية أو اﻹعلانية لتعريف الشعب بها. بأسبابها- بأهدافها- بنتائجها.
فارق كبير بين التمنى واﻹنجاز. بين الاستعطاف والاستنكار. فارق كبير. إلا ﺇذا كنا سنحكم على الأمور بالنتائج. لذلك فسوف نرى سوياً كيف وضعت ماليزيا خطتها.
كان عام 2009. وضعت حكومة ماليزيا الخطة. عنوانها: نريد أن نكون فى مصاف الدول المتقدمة قبل عام 2020. ماذا يعنى ذلك؟ أن يرتفع دخل الفرد الماليزى من 200 7 دولار إلى 000 15 دولار فى عام 2020. ماليزيا بها جهاز البيمندو التابع لأعلى سلطة فى الدولة، والذى عن طريقه يتابع رئيس الوزراء بصورة أسبوعية تنفيذ أكبر 200 مشروع قومى تهدف لجذب 440 مليار دولار. ولكن السؤال الأهم: كيف وضعت ماليزيا الخطة؟
بدأت الحكومة أولاً بوضع الهدف: 15 ألف دولار للفرد قبل 2020. بعد ذلك حددت 12 قطاعاً يجب التركيز عليها. حددت القطاعات التى تساعد فى الوصول أسرع إلى الهدف المنشود. ثم نظمت ورش عمل يتم بها وضع خطة لكل قطاع. ورش العمل كانت لمدة شهرين متواصلين. بكل وحدة 25 فرداً من القطاع الخاص والعام والمجتمع المدنى. كفاءات ومديرون من القطاع الخاص. تمت مخاطبة شركاتهم عن طريق خطابات من رئيس الوزراء مباشرة. يطلب من شركاتهم إمكانية منح كل واحد منهم شهرين من وقته بصورة متواصلة لهذا الهدف الوطنى. المنتج النهائى 10- 20 مبادرة أو مشروعاً وطنياً مطلوباً تنفيذه. تم تقسيم الهدف الرئيسى إلى مجموعة أهداف محددة لكل قطاع ولكل مشروع وطنى. وقد تم تحديد أدق التفاصيل لكل مشروع: فرص العمل. الناتج القومى. آلية التنفيذ. من سينفذ. من سيتابع التنفيذ. الجدول الزمنى. مؤشرات متابع الأداء.
أساس النجاح فى ورش العمل كان لانتظام تواجد رئيس الوزراء فى متابعة ومناقشة النتائج بصورة دورية. والتواجد الدائم يومياً من 9 صباحاً إلى آخر اليوم. بعد ثلاثة أشهر كان هناك خطة للدولة. خطة وبأدق التفاصيل. تم تجميعها فى كتاب 601 صفحة. ولكن تبقى إقناع البرلمان. وكان هنا ذكاء نجيب رزاق. رئيس الوزراء. الذى أعلن عن تنظيم مؤتمرات ومعارض لعرض الخطة فى كل ركن فى ماليزيا لأخذ رأى الشعب. وكانت خطوة ذكية لأنه أقنع الشعب، فبالتالى كان على البرلمان الموافقة وعدم الاعتراض. ثم جاءت خطوته الثانية: إعلان أدق تفاصيل الخطط والجداول الزمنية على الموقع اﻹلكترونى. فعرف العالم ما هو المطلوب من كل وزارة وأصبح كل وزير ملتزماً بالتنفيذ.
6 أشهر تم وضع الخطة بها، وبعد ذلك بدأت ماليزيا بمتابعة تنفيذ الخطة عن طريق 150 كفاءة إدارية فى جهاز البيمندو –PEMANDU
«Performance Management and Delivery Unit»
جهاز إدارة التسليم والأداء.