الدولة كلها، والشعب كذلك، يضع يده على قلبه كلما اقتربنا من يوم 25 يناير!! فهل أصبحنا نعيش كابوساً، أم هو البعبع الذى يخيف السلطة.. ويجعلنا- كلنا- نعيش فى قلق كلما اقترب هذا الموعد.. هل هو من نتاج الإعلام الإرهابى المضاد، أم هناك مقدمات تجعل الناس كلها تعيش على حد السيف.. تتوقع حدثاً ما.. أو كارثة ما، ولماذا كل هذا القلق؟!
وهل نقول، بكل صراحة، إن الإرهاب جعلنا نعيش هذا القلق.. وبعد أن كان هذا اليوم رمزاً لاندماج الشرطة مع الشعب يوم 25 يناير 1952، عندما انضمت الشرطة للجماهير فى نضالها ضد الاحتلال البريطانى لمنطقة القناة.. بعد أن كان هذا اليوم لالتحام الشرطة مع الحكومة.. وتفاعل الكل مع الشعب، ليتحول هذا اليوم إلى رمز من رموز النضال الشعبى، ضد الخطر البريطانى على الوطن كله.
ثم أصبح هذا اليوم- ولكن من عام 2011- رمزاً للثورة الشعبية بهدف التغيير.. هل صار 25 يناير كابوساً يهدد الأمن ويرعب الناس.. ويزداد- هذا وذاك- كلما اقتربنا من هذا الموعد، وبالذات منذ تم تفجير مقر مديرية أمن القاهرة- رمز السلطة- فى مثل هذا اليوم، من عامين، ومنذ عاشت مصر كلها تحت سيف هذا الإرهاب ونحن نحتفل- مثلاً- مع الإخوة المسيحيين بعد الميلاد، ورأس السنة الجديدة.. حتى إن الدولة تجرى لقاءات واجتماعات- منذ الآن- استعداداً لما يمكن أن يقع فى هذا اليوم من أعمال إرهابية؟
وهل يتعمد الإرهاب إشاعة هذه المعانى بين الناس، حتى يصيب الشلل كل حياتنا.. فيتوقف العمل.. والإنتاج.. تحسباً لما يمكن أن يقع.. أم هى دعوة لكى نعلن حالة الطوارئ.. وننشر قوات الأمن: الشرطة والقوات المسلحة فى كل المواقع الحساسة من أبراج الكهرباء إلى محطات المياه بل والصرف الصحى إلى الكنائس.. ومحطات الوقود.. وأن نغلق الميادين التى تحولت إلى رمز لثورة الشعب، وأبرزها ميدان الثورة.. التحرير سابقاً.. وإغلاق شوارع دخلت التاريخ: قصر العينى، محمد محمود وسيمون بوليفار؟ هل الإرهاب يتعمد أن ينسى الشعب عظمة هذا اليوم.. وبطولات شهدتها هذه الشوارع؟
أم أن هدف الإرهاب- هنا- وحتى إن مرت ذكرى هذا اليوم دون إرهاب هو استنزاف مالية الدولة فى هذه التحركات الأمنية، وجعل الشعب كله يعيش، من اليوم، وحتى بعد أن يمر بنا هذا اليوم، على حافة السكين.
هنا نتساءل: لماذا هذا القلق الشعبى.. بل وكل هذا التوتر الرسمى؟ هل فقد الشعب ثقته فى الحكومة.. ولم يعد يحس أنها تتجاوب مع سرعة تحركات رئيس الجمهورية.. حتى كأن الأمر يبدو أن الرئيس فى جانب واحد مع الشعب.. بينما الحكومة بكل وزرائها فى جانب آخر.. وأن الرئيس يريد أن ينطلق ويحقق للشعب كل أحلامه، بينما الحكومة تتحرك بسرعة سلحفاة تكاد لا تبرح مكانها؟!
أم أن تصريحات الحكومة- بكل وزرائها- مجرد مهدئات، وما هى إلا مشروعات فى الهواء.. إذ لا يحس الناس أن شيئاً يتحرك أو يتحقق.. ولهذا تعمد الحكومة- وكل الوزراء- إلى الإكثار من تصريحات المشروعات البعيدة عن أرض الواقع؟ وهل حقاً الحكومة وكل أجهزتها التنفيذية فقدت مصداقيتها.. إذ لا شىء يتحقق على أرض الواقع والدليل تزايد حدة البطالة- وبالذات فى العام الأخير- ويزداد خلل الميزان التجارى بسبب تعاظم الاستيراد وكأن الشعب يريد أن يحيا يومه ولا يهمه ما يحدث غداً! وهذا كله ينعكس على قيمة العملة الوطنية.
ولكن هناك أملاً فى أن نخرج من هذا «الشعور العام» المشبع بالقلق، أم أننا استسلمنا ورفعنا الراية البيضاء.. أم يمكن أن ننزع عنا هذا الشعور بالقلق.. ألستم معى- كلكم- أن الحكومة، وبالتالى الدولة، لا يمكنها وحدها أن تواجه هذا الشعور.. وأن علينا نحن كل المصريين أن نتكاتف وأن تتوحد قلوبنا، وتتحد أعمالنا، لكى نواجه هذا الشعور الخانق؟
هل نستسلم.. فتذهب ريحنا.. وينجح الإرهاب فيما يسعى إليه.. بإشاعة روح الاستسلام.. أم أن استعجالنا تحقيق الحلم الوطنى يجعلنا نقف مكتوفى الأيدى؟
أخشى فعلاً من هذا الشعور القاتل.. أى أن ننتظر أن تعمل الحكومة وحدها.. بينما نحن فى الجانب الآخر، نحقق بسلبياتنا ما خطط له الإرهاب ليكسر وحدة الشعب المصرى.
نعم الحكومة مسؤولة بسبب تصريحاتها عن المشروعات الوهمية.. ولكن الشعب أيضاً مسؤول فى كل ما يجرى.. أين روح الثورة؟ أين يوم أن ثار الشعب يوم 25 يناير؟ لا لن ينهزم الشعب.. ولن يتحقق حلم الإرهاب لأن مصر لن تموت.. بشرط أن نعمل كلنا معاً لخير الوطن.