x

عبد الناصر سلامة 25 يناير.. الحلم والكابوس عبد الناصر سلامة السبت 26-12-2015 21:36


أعتقد أن خروج المواطنين إلى الشارع فى 25 يناير 2011، أياً كانت نسبتهم، كان محوره الرئيسى الشرطة بكل مساوئها، وانتخابات برلمان 2010 بما أُشيع حولها من تجاوزات، قبل أن تتحول الحالة إلى ثلاثة مطالب تمثلت فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وقد كان الرئيس الأسبق حسنى مبارك على مستوى غير مسبوق من المسؤولية والوطنية، حينما آثر السلامة للشعب وللوطن ولنفسه، دون اشتراط نسبة للخروج، فقرر التنحى، على الرغم من تاريخه الحافل مدنياً وعسكرياً، وهو ما أراد البعض تشويهه فى بداية الأمر، إلا أن الإنصاف لم يتطلب وقتاً طويلاً، فأصبح الشعب فى مجمله يعى قدر الرجل، خاصة مع تلك الحالة التى مر ويمر بها المجتمع مادياً ومعنوياً، على مدى السنوات الخمس الماضية.

بالعودة إلى المطالب الأولى للمواطن، والتى تمثلت فى ضرورة الإصلاحات الشرطية، والبرلمانية، وحتى فيما يتعلق بالمطالب الثلاثة الأخرى، التى فرضت نفسها فيما بعد، كان يجب أن تكون هذه وتلك هى كشف حساب الحكومات المتعاقبة طوال السنوات الخمس، ماذا تحقق على صعيد الشرطة، وإلى أى مدى كان البرلمان الجديد أفضل من سابقه، وما نسبة التطور الحاصل على صعيد العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

بالتأكيد فى ظل الدعوات الحاصلة الآن بالعودة إلى الخروج إلى الميادين فى ذكرى ذلك التاريخ، كان من المهم التعامل مع الموقف بالمنطق والطرق العلمية، بمعنى أن تبدأ الحكومة فى مناقشة الناس حول كل قضية من القضايا السابق ذكرها على حدة، كشف حساب الشرطة، وهل أدت هذه الأحداث- رغم جسامتها، وسقوط المئات من القتلى بين أفراد الشرطة، إضافة إلى الآلاف من المواطنين المدنيين- إلى تحسن الأوضاع فى هذا المجال، كذلك الحال بالنسبة للانتخابات البرلمانية، وهل اعتمدت على نظام انتخابى أفضل من سابقه أم لا، وهل أفرزت مجلساً أفضل وأكثر خبرة واتزاناً أم لا، وما مدى توافق البرلمان الجديد مع تطلعات الشارع؟

نفس الحال فيما يتعلق بالمطالب الثلاثة الأخرى ومدى ما تحقق فيها، سواء بالنسبة لمستوى الحياة اليومية للمواطن، أو حريته، وحقوقه المنصوص عليها فى القوانين المحلية والدولية، وكذلك العدالة الاجتماعية بمفهومها الشامل، وكل ما يتفرع عنها، سواء على مستوى الفرد، أو الأسرة، أو الإقليم، إلى غير ذلك من أعباء.

أتصور أن القضية ككل كانت فى حاجة إلى حوار مجتمعى، تتبناه وسائل الإعلام، كما تتبناه الندوات بالأندية، والمؤتمرات بالأحزاب، والنقابات، والجامعات، إلى غير ذلك من الأوعية الفكرية، التى سوف تسفر فى النهاية عن موقف شبه عام حول مدى رضا الناس عما تحقق، وموقفهم مما لم يتحقق، وما السبيل إلى تحقيقه، دون الحاجة إلى المظاهرات والاحتجاجات، ومزيد من الأزمات، التى لا تُحمد عقباها.

للأسف أصبحت القضية تأخذ منحى مختلفا تماماً، حيث التحذيرات الغريبة والسابقة لأوانها من نزول الشارع فى ذلك اليوم، والنذير والوعيد من مخالفة ذلك، فى غياب تام للعقل والمنطق، فيما يضيف فشلاً جديداً للقضايا سابقة الذكر، وهو الأمر الذى يجب تداركه بحكمة بالغة، حيث لم يعد يقبل المواطن بالفشل الرسمى، رغماً عنه، دون أدنى محاولات للإقناع بأن هناك شيئاً ما فى المستقبل أكثر إيجابية، أو دون طرح رؤية للتعامل مع القضايا العالقة بطرق أكثر احترافية.

من حق المواطن أن يجد، أو يشعر بأن مطالبه تتحقق على أرض الواقع، من حقه أن يحيا حياة كريمة، من حقه أن يلقى اهتماماً فى كل المواقع، شرطية، أو صحية، أو تعليمية، أو خدمية، من حقه أن يشعر بآدميته، أن يأمن على نفسه وأسرته، أن يشعر بالإنصاف والمساواة، أن يرى الفساد يتلاشى، والمحسوبية تتوارى، أن يضمن مستقبلاً مطمئنا لأبنائه.

أعتقد حين ذلك فقط، لن نخشى من أى 25 يناير، التى فيما يبدو أنها فى ظل الأحوال الحالية، ومع استمرارها، سوف تظل تشكل كابوسا مع كل ذكرى- بعد أن كان البعض يراها حلماً- نخشى من اقتراب تاريخه، بل ربما نخشى من ذكره، ثم نتخبط بعد ذلك فى التعامل معه، سواء كان التاريخ السابق المتعلق بالذكرى، أو اللاحق الخاص بعلم الغيب.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية