x

يحيى الجمل ممثلو الشعب.. وثقافة الحوار.. وزيارة قداسة البابا يحيى الجمل الأحد 06-12-2015 21:50


الآن وقد انتهى تشكيل مجلس النواب واكتملت خريطة الطريق التى اقترحتها ثورة 30 يونيو بالاستفتاء على الدستور ثم انتخابات رئيس الجمهورية، والآن اكتمل تشكيل ممثلى الشعب وآن الأوان لبدء جلساته.

وبدء جلسات المجلس يعنى أول ما يعنى أن هناك مناقشات ستدور حول ما هو مطروح على المجلس من مشروعات قوانين وما قد يستجد غير ذلك من موضوعات.

وهدفى من هذا المقال هو أن أكتب عن ثقافة الحوار، وهى التى تضع الضوابط التى بها يمكن أن يؤدى الحوار إلى غايته التى يقصد إليها المتحاورون. وهم هنا أعضاء مجلس النواب، أى ممثلى الشعب والذين يباشرون سطلة التشريع من ناحية ورقابة السلطة التنفيذية من ناحية أخرى. وأعتقد أنها مهمات فى غاية الخطورة بحيث إنها تستأهل أن نوضح من أجلها كيف تكون ثقافة الحوار.

وأول شىء فى ثقافة الحوار هو أن يتحدث شخص واحد فى الوقت الواحد، لأن تحدث أكثر من شخص أو أكثر من نائب فى نفس الوقت سيؤدى إلى تشتيت الانتباه وعدم إدراك ما يقوله النائب المتحدث على وجه التحديد.

والشىء المؤسف أنه رغم أن هذا بديهى - أن يتحدث شخص واحد وألا يتحدث كثيرون فى نفس الوقت - رغم أن هذا بديهى - إلا أن أحدا لا يراعى. حتى البديهيات أصبحت تغيب فى مناقشاتنا.

والأمر الثانى هو أن التعقيب على من تحدث يكون بعد الإذن من رئيس المجلس ويكون أيضاً للمعقبين حسب ترتيبهم، يجب أن يتكلم من طلب التعقيب أولاً ثم الذى يليه.. وهكذا.

وإذا كان ما قلته من قبل يتعلق بشكل الحوار فإن الأمر الآخر والجوهرى هو الذى يتعلق بمضمون الحوار.

وهنا أريد أن أقول يجب أن ندرك أنه لا أحد يملك الحقيقة وحده بحيث يفترض أن غيره لابد وأن يكونوا على خطأ.

الحقيقة تأتى نتيجة الحوار السليم، وكل من يدعى أنه وحده يملك الحقيقة يريد أن يقول ضمناً إنه ليس من عالم البشر، لأن كل البشر خطاؤون وجلّ من لا يخطئ. حتى الأنبياء اعترفوا بأخطائهم وأقلعوا عنها.

وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فإن قضية سفر قداسة البابا تواضروس لأداء واجب العزاء فى أحد كبار رجال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية أثارت جدلاً كبيراً بين المؤيدين للزيارة والرافضين لها، وكل فريق يدّعى أنه صاحب الرأى الصواب.

وقد أسمح لنفسى بأن أدلى بدلوى وأقول إننى لا أرى فى زيارة قداسته أى خروج على ما تقرر سابقاً من أنه لا يدخل المسيحيون إلى القدس إلاّ مع إخوانهم فى المواطنة - المسلمين - وقد أعلن قداسة البابا تواضروس ذلك. بل إن سلوك قداسته وهو فى الطائرة مع السفير الإسرائيلى فى مصر - للأسف المّر - كان سلوكاً حاسماً ورائعاً، إذ رفض أن يسلم عليه أو يبادله التحية وعندما وصل الأرض المحتلة لتقديم واجب العزاء والصلاة على راهب كبير حرص على ألا يذهب إلى رام الله وألا يقابل أحداً من رجال السلطة الفلسطينية وكل ذلك حتى يتجنب أن تأخذ زيارته أى طابع سياسى ولو محدود.

وقداسة البابا تواضروس لا يستطيع أحد أن يزايد على وطنيته واعتداده بوطنه مصر. وهو الذى قال «وطن بغير كنائس خير من كنائس بغير وطن».

كنت من أقرب الناس إلى قداسة البابا شنودة الثالث، وكثيرون من رجال الكنيسة يعرفون ذلك وأظن أننى كنت آخر من تحدث معه قبل انتقاله إلى رحاب السماء وقال لى «لك محبتى» - أقول ذلك لكى أؤكد أننى أعرف موقف الكنيسة المصرية من موضوع زيارة القدس والأراضى المحتلة ولأكرر أيضاً أن موقف قداسة البابا تواضروس سليم تماماً فى تقديرى المتواضع.

والله أعلم. والله المستعان.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية