x

نيوتن الحكومات والأخلاق نيوتن الأربعاء 02-12-2015 21:41


هل للدول أخلاق؟ هل لقراراتها انعكاسات على مواطنيها؟ هل الحكومات تهدف لنشر ثقافة سلبية أم إيجابية بين مواطنيها؟ هل تقدم رسالة تربوية للأجيال الشابة؟ فكرت فى كل ذلك وكنت أتساءل بينى وبين نفسى مسترجعا صفحات مريرة من تاريخنا الوطنى القريب. عبدالناصر وثورة يوليو قامت بأكبر عملية لتشويه مصر كلها التى كانت قبل 1952. ليس الملك وحده أو الأسرة المالكة. بل الحكومات. أصحاب الأملاك. مؤسسات الدولة. والزعامات الوطنية. شوهت كل شىء وأى شىء. السادات جاء للحكم. سار فى الطريق ذاته، وأطلق على فؤاد سراج لويس السادس عشر. مبارك لم يصلح من هذا الأمر. الإخوان ارتكبوا ما هو أسوأ. شوهوا الجميع. أرادوا أن يبدأوا من الصفر. نظام 30 يونيو وقع فى الخطأ ذاته.

كل من يأتى يشوه من سبقه. كل من يأتى يعتقد أن نجاحه يكون على أنقاض الماضى. عقب 25 يناير دمرنا الجميع. حبسنا الرئيس. حبسنا الحكومة. اتهمنا الوزراء بالفساد. طاردنا رجال الأعمال. لاحقنا المستثمرين ومازلنا. وكأن كل ما كان قبل 25 يناير سيئ. اعتقدنا أن بناء نظام جديد يعنى هدم كل ما سبقه. وإلصاق كل التهم به. مهما كان الثمن.

بات التشهير والتنكيل وتصفية الحسابات الأساليب الأوفر حظاً. التى نتعامل بها. الأمر لا يقتصر على الأفراد. الحكومات تورطت فى ذلك. اعتبروا أن الأمر يفتح لهم الطريق. للجلوس على الكرسى. ثم نتساءل: أى رسالة نبعث بها للأجيال القادمة. أى قدوة نقدمها لهم. أى مثل أعلى نريد للشباب أن يحتذيه. ما من شك أنها رسالة سلبية. رسالة لا تبنى جيلا. بل تهدم أخلاقا. وتدمر مجتمعا ومستقبله. هل ألقت الدولة الضوء على أى نجاح؟ هل قدرته؟ هل كرمته فى أى مجال من المجالات؟ العكس تماما. تبحث عن المثالب والثغرات ولا شىء آخر.

السماء تمتلئ بنجوم الاقتصاد والأعمال فى كل بلدان العالم. فى أمريكا مثلا هناك نجوم مثل ستيف جوبز. فورد. بيل جيتس. مارك زوكربيرج مؤسس الـ«فيسبوك». ويليام دورنت صاحب جنرال موتورز. أيضا كرستيان ستريف وجيروم جاليكس الفرنسيان من عمالقة الاستثمار فى شركة بيجو. لى بيونج مؤسس شركة سامسونج من كوريا الجنوبية. ميكيلى فيريرو. الملياردير الإيطالى الذى ابتكر شوكولاتة نوتيلا. وكارل بينز الألمانى. مؤسس شركة مرسيدس. وغيرهم وغيرهم. أما عندنا منذ الستينيات لا نجوم لدينا سوى نجوم السجون والمعتقلات فقط.

كم صفقة مع الدولة تم التراجع عنها؟. كم تعاقدا أخلت به بحجة أن حكومة سابقة هى من وقعت عليه؟. حتى لو كان التخارج قانونياً. المشكلة أننا نفقد ثقة العالم. وفى حكومتنا. الثقة مفهوم أوسع وأشمل من القانون. الثقة تبنى على سلوكيات وممارسات تراكمية. القانون جزء من عملية الثقة. وليس العكس. فرجال الأعمال يستثمرون فى البلد الفلانى. لأن الثقة متوفرة. ومن يصنع هذه الثقة بالأساس هو الحكومات. والثقة هى الركن الأساسى فى مفهوم مناخ الاستثمار. الذى تشكله عوامل عدة.

فى تجارب النجاح القانون صارم. محدد. لا يتحرك بالهوى. هكذا تأتى الاستثمارات. فى الدول التى يسودها القانون. وتتوفر فيها الثقة. الأمثلة كثيرة. لكن عندما يكون القانون مهزوزا متحركا مع الوشايات. هنا يمتنع أى استثمار عن الاقتراب. خصوصا فى بلد لا توجد فيه قدوة واحدة للنجاح فى أى مجال.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية