x

عبد الناصر سلامة مصر والسودان.. العبث المشترك عبد الناصر سلامة الأربعاء 25-11-2015 21:25


لا يجوز، بأى حال من الأحوال، أن تتقدم السودان بشكوى ضد مصر فى الأمم المتحدة، كما لا يجوز، بأى حال، احتجاز مواطن سودانى فى مصر دون وجه حق، حتى لو كنّا قد اعتدنا ذلك مع المواطنين المصريين، لا يجوز أساساً أن يكون هناك توتر من أى نوع فى العلاقات المصرية- السودانية، فى العرف المصرى: مصر والسودان دولة واحدة، وفى العرف السودانى: مصر والسودان حِتة واحدة، ما الذى جرى حتى تصل الأوضاع أو العلاقات إلى هذا الحد.

ليس مصادفة أن تمد بريطانيا الاستعمارية السودان، خلال الأيام القليلة الماضية، بوثيقة مزيفة، تدعى أن حلايب سودانية، جاء هذا الإجراء بالتزامن مع إجراء الانتخابات البرلمانية فى مصر، ومن بينها حلايب، بالتزامن مع ذلك أيضا كانت الحملة الصحفية السودانية حول انتهاك حقوق السودانيين بمصر، واحتجازهم فى القاهرة، ووقوع بعضهم قتلى بسيناء خلال محاولات تسلل لإسرائيل، بالتزامن أيضا كانت المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبى تتعثر، وبناء السد يسير على قدم وساق بمباركة سودانية، وسط كل ذلك تتسرب أنباء عن دعم مالى كبير للسودان من إحدى الدول الخليجية، بالتزامن أيضاً تتدفق الاستثمارات الخليجية على كل من إثيوبيا والسودان فى آن واحد.

ما الذى يجرى فى المنطقة، وما الذى يحاك ضد مصر، وما هو الرابط بين الأمم المتحدة وبريطانيا، فيما يتعلق بالعلاقات المصرية- السودانية- الإثيوبية، ومياه النيل بصفة خاصة، وسد النهضة تحديداً، كان الملف فى البداية إسرائيليا- أمريكيا خالصا، الآن دخلت على الخط وجوه جديدة، أصبح الحديث عن سدود صغيرة حتى داخل السودان، كان الدعم فى البداية تقنيا لوجيستيا إسرائيليا، أصبح هناك مال خليجى، قد يكون الهدف دعم الاستثمارات الزراعية الواسعة فى كل من السودان وإثيوبيا، وقد يكون مكافأة عن مشاركة قوات سودانية فى غزو اليمن، وقد يكون مزيدا من النفوذ والسيطرة.

إلا أن السؤال الذى يطرح نفسه طوال الوقت هو: أين مصر من كل ذلك الذى يجرى، أين الدبلوماسية المصرية، أين النفوذ المصرى، لماذا تركنا ذلك الفراغ ينمو ويتسع فى العلاقات المصرية السودانية؟ هذه العلاقات التى ما كان يجب أن يدخلها وسيط، وذلك لأنها علاقات المصير الواحد، علاقات العمق الاستراتيجى لكلتا الدولتين، اللتين هما فى الأساس دولة واحدة؟

ربما كانت الآثار السلبية لسد النهضة على السودان أخطر منها على مصر، ماذا لو انهار السد لأى سبب، ماذا لو قصفته مصر بعد تخزين المياه خلفه، فى الحالتين السودان إلى ضياع، الأضرار على مصر أقل بكثير، السودانيون يدركون ذلك جيداً، إلا أنهم للأسف يعتبرونها معركة مصرية، لا يريدون المساهمة فيها حتى بالموقف السياسى، كل ذلك نتيجة تصدع فى العلاقات لم نحاول تداركه، لا فى مصر ولا فى السودان، العبث طوال الوقت كان مشتركاً، أعتقد أنه قد آن الأوان لأن نصارح أنفسنا بأن هناك شيئاً ما خطأ فى علاقات القاهرة والخرطوم، يجب أن نعترف بذلك بكل وضوح، ونبدأ بفتح كل الملفات.

على أى حال، العلاقات بين مصر والسودان حسمها الرئيس الأسبق حسنى مبارك، خلال لقاء له مع الرئيس السودانى عمر البشير، قائلاً: لقد تحدثت لشعبك بأنك سوف تحارب مصر من أجل حلايب وشلاتين، ما يجب أن تعلمه هو أن الحرب ليست نزهة، الحرب خسائر مادية، وبشرية، وأرامل، وأيتام، وأطفال، ودمار، إضافة إلى ذلك فإن فى مصر أربعة ملايين سودانى، حتى إن البشير رد قائلاً: معلوماتى أنهم مائة ألف فقط، فرد الرئيس مبارك قائلاً، أنا مستعد أرسلهم لك لتقوم بحصرهم، المهم أن الرئيس مبارك حسم الأمر للبشير قائلاً: وحتى لو أنت أردت حرباً مع مصر، فمصر لن تحارب السودان أبداً.. ليتنا نسير على ذلك الدرب.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية