x

رامي جلال هل صحيح أن «السيسى» يعمل منفرداً؟ رامي جلال الثلاثاء 24-11-2015 21:38


النظرية القديمة التى تقول إن رئيس الجمهورية يعمل منفرداً فى «صوبة» منعزلة، وإن كل من حوله فاسدون ويدارون عنه الحقائق (مثلما أراد فيلم «طباخ الرئيس» أن يكرس لتلك الصورة بسطحية)، هى نظرية مضحكة لا يتفهم مرددوها أنها تطعن فى شخص الرئيس نفسه وكفاءته.. الكل يحاول العمل، ومع ذلك فإن الكثير من الوزراء والمحافظين سيفشلون بسبب مشكلة لا يفطن إليها أحد، وهى أن زواج كائنين من فصائل مختلفة ينتج عنه كائن عقيم لا يلد (مثل -لا مؤاخذة- زواج الحصان بالحمارة، يُنتج حجشاً لا يتناسل)، يحدث هذا حين يتم أخذ أى شخص- مهما بلغت درجة نجاحه- من القطاع الخاص، ووضعه فجأة فى موقع تنفيذى بالقطاع العام.. جينات هذا الشخص وخلايا جسمه وكرات دمه وشعر رأسه لا يعرفون فى العمل سوى اتجاه واحد فحسب هو «تعظيم ربحية المساهمين»، وهذا ليس هدف العمل العام بالطبع. سيصبح المسؤول المسكين مثل «طرزان فى نيويورك».

بفرض أن هذا الشخص كفاءة نادرة لا مثيل لها بكوكب الأرض والكواكب المحيطة، فإنه فى عمله الخاص يعلم جيداً مع من يتعامل ولماذا وكيف يتعامل، ويعرف صلاحيات كل شخص، والصلاحيات المتقاطعة بين الأشخاص. لكنه فى الشق العام لكى يجيب عن تلك الأسئلة فإنه يحتاج، لو كان عبقرياً، سنتين على الأقل! وقبل انقضاء هذه الفترة بكثير سيكون الأوان قد فات وتم إعلان فشله بالفعل كمسؤول عام. وتتم إقالته لأنه فاشل (حتى لو كان ناجحاً فى عمله الخاص).. أمثلة بسيطة: فى القطاع الخاص هو يعلم كيفية التعامل مع قسم الموارد البشرية، لكنه لن يعى تقنيات عمل الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة.. وفى القطاع الخاص هو يعرف المحاسب القانونى، لكنه لن يفهم بسهولة عمل الجهاز المركزى للمحاسبات.. هو يعرف معايير الكفاءة والجودة فى التعيين، ولم يسمع عن التقارير الأمنية والرقابية لذلك.. وهكذا مئات الأمثلة، لأن الجينات مختلفة.

لهذا المنطق البسيط فإن صاحب المستشفى لن يكون بالضرورة وزير صحة ناجحا، وصاحب المصنع لن يصبح بالحتمية وزير صناعة جيدا.. فما هو الحل؟ الحل يأتى من فرنسا- مع حتمية تطويعه لظروفنا بالطبع- وهو «مدرسة السياسات العامة». مكان يمر عليه أى مسؤول فى أى موقع بالدولة قبل تولى المسؤولية، أياً كان موقعه حينها، خاصا أو عاما.. غياب مدرسة السياسات العامة، لا يجعل أمام صانع القرار إلا الاختيار من «أكاديمية ناصر العسكرية»، لكن المشكلة أن رجل الجيش لديه بالفعل الانضباط الإجرائى، لكن ليس لديه بالضرورة كفاءة فى الملفات المختلفة. وهذا موضوع مقال قادم بإذن الله.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية