x

مصطفى حجازي بيت العنكبوت..! مصطفى حجازي الأحد 22-11-2015 21:07


وكأنهم يتقالّون على مصرَ كثرة الجروح.. فيضيفون إلى الجُرح الإهانة..!

أُديرت رحى الرغى العام ولم تزل حول استحقاقات للوطن تراوحت ما بين اصطفاف لدرء المؤامرة ومِثلُهُ لجلب البرلمان.. غابت قبله أو غُيِّبَت استحقاقات نفسية كثيرة للمواطن..!

وهو ذات المواطن الذى يستجدونه وهم يُرهِبونه.. ويُداهِنونه وهم يَسبُونه.. ويُدَلَسُ عليه فى كل وقت..!

وهو ذات المواطن الذى يُراد لإرادة الحياة بداخله أن تبقى مبددةً إذا عَقَلت.. مؤثمة ً إذا أجمعت على إنكار ما لا تريد.. محاصرةً إذا استشرفت بعضاً مما تريد.. ومطاردةً بِتُهَمِ الخيانة والكفر إذا ذَكَّرَت بالعهود وطالبت بالوفاء..!

ينخدع البعض حين تتحامل قوى المجتمع الحية على ثقل خطواتها.. وتحاول أن تُكمل مساراً إجرائيا لخارطة المستقبل..!

مساراً لم تكن أبداً حقيقته فى إجراءاته.. ولكن حقيقته كانت فى أى وطن جديد وَعدَ..!

وطن جاءت ملامحه جلية فى يناير ٢٠١١ ويونيو ٢٠١٣.. بحيث لم تُبق لأحدٍ عذراً بجهل.. إلا من أراد أن يتجاهل..!

وتناسى ذلك البعض أن تلك القوى الحية أسكرت نفسها بالأمل- مرات- آملة فى أن يكون مسار الإجراءات وفياً بعهوده..!

كان دواء يأسها هو الصبر حين صدق الأمل.. وكان مآل ثقل نفوسها هو الانفجار حين أيقنت بالسراب.. ومخطئ من يظن أن سنة الله تلك قد تغيرت..!

وكى لا نشارك جميعاً فى جريمة جهل أفضى إلى موت.. آن لنا أن نتواضع لله قليلاً.. ثم لهذا الوطن.. وأن نستعين ببعض العقل.. حتى وإن كان بعضُ العقل إثماً فى بلادنا.. لنسأل ما الذى يجعل ملامح طريق المستقبل مراوغة وباهتة؟ ما الذى يرتهن مصر ومستقبلها..؟!!

ولنسأل أنفسنا دون كِبرٍ أو تَعَنُتٍ أو صَخَبٍ: هل مصر ما زالت رهينة..؟!!

هل مصر ما زالت رهينة تواطؤ الصمت على البذاءة.. وعلى جرائم تمزيق النسيج الوطنى ودفع المجتمع للاحتراب..؟!

هل مصر ما زالت رهينة تغييب البدائل ومحاربة صناعتها..؟!

هل مصر ما زالت رهينة قتل الأهلية.. وتأميم المشاركة.. والحجب القسرى للكفاءات بالبيئة الطاردة لها..؟!

هل مصر ما زالت رهينة بيروقراطية قلقة تتحسس كراسيها ورأسها أكثر من تلمسها بدايات صحيحة لمسارات الخروج من أى أزمة..؟!

هل مصر ما زالت رهينة الانحياز لماضى الميكيافيلية البائسة الذى ينفق إبداعه فى محاولات التدليس على الناس إخفاقاً وخوفاً وتعالياً على إشراكهم..؟!

هل مصر ما زالت رهينة قطاعات من أبنائها لا تلبث تتوهم أن صيغة الكفالة والوصاية بينها وبين الدولة هى الصيغة الأكثر أمناً والأقل كلفة..؟!

هل مصر ما زالت رهينة بعض من مواطنيها أميل إلى التضحية منهم إلى الاختيار أو المشاركة.. إيثاراً للسلامة وإمعاناً فى الكسل..؟!

هل مصر ما زالت رهينة عقلية طرفية لا تعرف إلا الاحتجاج الدائم باسم الثورة.. أو الانبطاح التام باسم الاستقرار..؟!

هل مصر ما زالت رهينة مساومتها على الحرية باسم الأمن وعلى الكرامة باسم الخبز..؟!

هل مصر ما زالت رهينة قتل الإبداع من عقليات تخشى كل تنوير وتجافى تلك اللحظة من التاريخ كما أرادها الله..؟!

هل مصر ما زالت رهينة قراءات مخادعة تُعزى ثورات المصريين إلى مؤامرات محلية وإقليمية..؟!

هل مصر ما زالت رهينة تقديرات كاذبة.. ترى أن نخوة الإنسانية فيها قد فَترت وقُتلت بحصار الخوف من مصير الإقليم..؟!

هل مصر ما زالت رهينة تقديرات مضللة.. تقول بأن الشعوب كل فعلها عند الغضب هو المظاهرات فقط..؟!

هل مصر ما زالت رهينة تصورات قاصرة.. عن أن إعلام التعبئة ينشئ الحقائق ويقنع.. وهو يقمع..؟!

هل مصر ما زالت رهينة من يتصورون أن حُجية عموم الباطل تحيله حقاً..؟!

وإن كان يقين المشاهدة قبل المنطق.. وحجة العين قبل العقل تلطمنا بحقيقة أن مصر ما زالت رهينة كُلّ أو جُلّ ما سبق.. فمرة أخرى ليس فى ذلك إنكار لحُسن النوايا ممن حسنت نواياهم ولا إقلالاً من جهد من اجتهد.. ولكن حُسن النوايا لا يعفى من سوء التقدير..و كثرة الجهد ليست ضمانة للإنجاز.

ولكننا نتحدث عن وطن كلنا يملكه حتى إن أراد البعض احتكاره.. ونتحدث عن مستقبله الذى استودعناه أحلامنا حتى إن أراد البعض احتقارها.. وعن دولة فى صلاحها صلاحنا وفى عزتها عزتنا.. ولهذا بِتنا لا نملك إلا أن نسمى الأمور مرة أخرى- ولن تكون أخيرة- بأسمائها.. وبغير ذلك نهزل فى وقت جد.. والهزل فى وقت الجد خيانة.

يا سادة:

التفانى فى خداع النفس والتمنى الكذب لن يحيلا كذباتنا حقائق.. حتى إن كثر شهود الزور وعلت أصواتهم وغلظت بذاءاتهم وقهروا الناس على الخنوع لطلاتهم الرثة..!

ولا الإخلاص فى الجرى فى المكان كفيل بأن يحركنا للأمام.. ولكنه ضمانة لسرعة الانكفاء والسقوط ليس أكثر..!

كما أن الارتكان إلى أن حجية عموم الخطأ تجعله صواباً.. ارتكان إلى فراغ..!

وكذلك الإمعان فى بناء هياكل سلطة دون بصيرة حُكم.. هو بناء هش مهما قويت عناصره.. لا يحفظ مجتمعاً ولا يقيم دولةً ولا يبنى مستقبلاً.. بناء لا سكينة فيه كبيت العنكبوت مهما كثرت خيوطه واتسعت.. «وإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ»..!

قدر مصر أن تفك أسر مستقبلها بيد كل أبنائها.. شركاء الوطن جميعهم.. سلطة وحكاماً ومحكومين.. من رأس كل هرم إلى قاعدته.. كل حسب قدرته وتكليفه وموقعه..!

.. أما المماليك فيمتنعون أو يُمنَعون..!

لأن مصر لا تقوى أن تحيا نصف حياة ولا شبه حياة.

فقدر مصر أن تحيا حياة كالحياة..!

فَكِّرُوا تَصِحُّوا..

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية