الإخوة المجاهدون تحت الرايات السود في كل مكان في العالم، أحييكم بتحية الإسلام فسلام عليكم ورحمة من الله وبركات.. أما بعد:
فأنا مثلكم، أكره التفسيرات اللينة التي تخرج بها تلك المؤسسات الدينية التي تأكل من ذهب المعز، وتخاف سيفه، وتقبض آخر الشهر من خزينته، خاصة وسط موجات العداء القادمة من الغرب العدو حقا. فهي تفسيرات تنكر صفة العنف ذاتها في الإسلام، وتقول إنه الدين اللين المسالم المهادن الذي انتشر بالأخلاق السمحة لا بحد السيف، وإن الدين الذي امتد سلطانه من حدود الصين إلى ساحل الأطلسي انتشر بالمشاعر الطيبة والقدوة الحسنة والكلمة الصالحة وحدها!
ولا يقدم هؤلاء الرسميون – أو الوسطيون كما يحلو لهم أن يسموا أنفسهم – أي تفسير لعشرات الحروب التي خاضها النبي صلى الله عليه وسلم، والتي خاضها خلفاؤه الراشدون من بعده، والتي لا يمكن تكييفها إلا أنها من فعل «حد السيف» الذي ينكره هؤلاء.
أليست الغزوات التي غزاها النبي صلى الله عليه وسلم والفتوحات التي قادها خلفاؤه من صحابته من بعده عنفا؟ أليس هو صلى الله عليه وسلم الذي قال في حديثه الشريف: «يا معشر قريش لقد جئتكم بالذبح»؟
بل هم يحاولون قصر الدين على وجهة اللين وحدها، وهم في الحقيقة لأشد خطرا على العقيدة منكم أنتم الذين تحاولون قصره على وجهة الذبح وحدها، فهم ينكرون عمل النبي صلى الله عليه وسلم وعمل صحابته الكرام من بعده، والذي كان عملا يدور في منهج كامل يبدأ من أرق درجات اللين واللطف وينتهي في أشد درجات الضبط والردع.
كما أنني مثلكم، أؤمن أن الجهاد فريضة، وأؤمن كمسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله أن الجهاد ضرورة شريرة يكرهها الناس ويجعل الله فيها الخير، وأنه شر صغير يقضي على شر كبير ويقطع دابر أهله.
كما أنني أؤمن فوق ذلك بأن الصراع، بكنهه الأعمق ووجهته الفلسفية، لهو ضرورة من ضرورات بقاء الجنس البشري، كما أنه ضرورة كامنة من ضرورات إصلاح الأرض وإعمارها، «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين».
العنف المبرر جزء من منهج ديننا كسياسة للأفراد والمجتمعات، وهو خيار فكري مبطن في رؤية هذا الدين لإعمار الإنسان للأرض لا غنى عنه.
أنستغني يا إخوتي عن عقيدتنا وأسسها الفلسفية استرضاء لأفكار ومبادئ يعلنها الآخرون ويلوحون بها، وهم أول من يخرقها؟ أنتخلى عن دين الله سعيا للانخراط في مجتمعهم الدولي وإنسانيتهم المزعومة؟ أنقبل بتلك الديانة العالمية الموحدة المختلقة التي تعبدالمال والمادة، وتفرض قيما هجينة لا هي بالمسيحية ولا هي بالمسلمة؟.. بالطبع لا!
وأنا أختلف بعمق مع الرسميين الوسطيين المدجنين في مسائل عدة هذا بعضها، وأختلف معكم في مسألة واحدة جوهرية.. وهي أنني أرى أن الجهاد تكليف ديني حقا، لكنني أرى في الوقت نفسه أن قرار اللجوء للعنف خيار سياسي.. خيار تحكمه متطلبات الضرورة والملاءمة ومصلحة الأمة.. لا يمكن وصف العنف في ذاته بأنه فريضة، فهو ليس كذلك وإن كان وجها من وجهي الدين، لكنه ليس الفريضة، وإنما هو خيار سياسي تفرضه المصلحة.
فالعنف المبرر بضبط المجتمعات وتحقيق الأمن ودرء المفاسد وردع العدو يقابله عنفكم غير المبرر بالضرورة الشرعية أو السياسية المقبولة، كما أن القتال الذي تكرهه النفس وتعافه نوازع الإنسانية السوية يقابله قتالكم الذي تعتبرونه لذة ومتعة وهواية، وهذان بالتحديد عاملان يخرجان العنف الذي تأتون به عن كونه عنفا إسلاميا.. لأنه غير مبرر بمقصد شرعي، ولأنه يرتكب بدوافع شخصية لا بدافع الإصلاح العام، ناهيكم في ذلك عن التعصب الذي جعل هيئة هذا العنف أشد قسوة وأبرز تعبيرا عن العيب النفسي والتشوه الحسي كما تطالعنا الأنباء كل يوم عن فظائع تعف عنها نفوس الوحوش والبهائم ترتكبونها وأنتم تصرخون «الله أكبر! جئناكم بالذبح!».
إنما هو والله الهوس النفسي الذي لا ينشأ عن قوة الإيمان كما تزعمون، وإنما هو – كأي تعصب- ينشأ من عدم إدراككم للدين من جوانبه كلها، وانغلاق قلوبكم وعقولكم عن النظر إلا لجانب واحد منه.
هدانا الله وهداكم.. والسلام عليكم ورحمة الله