على مدى مايقرب من ستة قرون استمرت الدولة العثمانية وامتدت رقعتها الجغرافية إلى آسيا وأوروبا وأفريقيا، فكانت أول دولة إسلامية تصل إلى هذا العمق في الأرض الأوروبية، مما شكل تهديدا لأوروبا في عُقر دارها، فأخذت تدعم وتشجع كل من يستهدفونها، غير أن عوامل الضعف والتآكل بدأت تدب في أوصال هذه الدولة من الداخل فكان سقوطها في الداخل إيذانا بانهيارها.
وعلى الجانب الآخر من مشهد السقوط كان السلطان عبدالحميد الثانى يمثل عقبة كأداء أمام الأطماع الصهيونية في فلسطين، ونجحت المكائد والدسائس في إبعاده عن الخلافة سنة ١٩٠٩م بالتعاون مع حزب الاتحاد والترقى الذي أصبح صاحب السلطة الحقيقية في الدولة العثمانية، وكان أتاتورك على رأس الضباط المنضمين إليه، أما مصطفى كمال أتاتورك فقد رآه مريدوه أنه مؤسس تركيا الحديثة وبطلها القومى فيما رآه خصومه عدوا للإسلام، وقد توفى «زي النهارده» في 10 نوفمبر 1938.
وتقول سيرة أتاتورك، إنه ولد في الثانى عشر من مارس ١٨٨١ في مدينة سلانيك اليونانيةالتى كانت تتبع آنذاك الإمبراطوريةالعثمانية،وتلقّى دراسة عسكرية وتولى مناصب مهمّة في الجيش العثماني وشارك في الحرب الليبية ضدّ الاحتلال اﻹيطالي وقاد حرب التحرير التركية ضد قوات الحلف في الحرب العالمية اﻷولى بمنطقة چنق قلعة (مضيق الدردنيل) ثم ساهم في الانقلاب ضد السلطان العثماني وحيد الدين محمد (محمد السادس) والخليفة الصوري عبدالمجيد الثاني وأعلن في أنقرة قيام جمهورية تركية قومية على النمط اﻷوروبي الحديث.
ولأتاتورك دور كبير في النهضة الاقتصادية التركية ويعتبره الإسلاميون خائنًا للاسلام لما قام به من إلغاء للخلافة الاسلامية في 3 مارس 1924 لإلغائه الشريعة الإسلامية من المؤسسة التشريعية ولشنّه حملة تصفية بعد تعرضه إلى محاولة اغتيال ضد كثير من رموز الدين والمحافظين الذين شاركوا في المحاولة، ولكن مؤيدي الفكر العلماني يعتبرونه أحد أهم رموز التقدم والإصلاح في تاريخ تركيا.
أما والده فهو على رضا وكان مسؤول جمارك ثم تحول إلى تاجر أخشاب وتوفي عندما كان مصطفى صبيًا ووالدته زبيده سيدة قوية الإرادة صابرة كرست نفسها لتنشئته مع أخته، مقبولة دخل أول مدرسة دينية تقليدية ومن ثم تحول إلى الدراسة الحديثة وفي1893 دخل المدرسة العسكرية العليا حيث منحه مدرس الرياضيات الاسم الثاني كمال(و يعني الكمال)إقرارًا بانجازات مصطفى المتفوقة بعدها عرف باسم مصطفى كمال.
ويعرف أتاتورك أيضا بأنه من خلق المشكلة الكردية التي مازال الأكراد يعانون منها حتى الآن وكان مصطفى قد استخدم كل ثقله لعدم الاعتراف بالأكراد كأمة، وكان أتاتورك في 1905 قد تخرج من الكلية العسكرية في اسطنبول برتبة نقيب أركان حرب وأرسل إلى دمشق حيث بدأ مع العديد من زملائة بانشاء خلية سرية أطلق عليها اسم «الوطن والحرية» لمحاربة استبداد السلطان وقد ازدهر سلوك مصطفى كمال عندما حصل على الشهرة والترقيات أمام بطولاته في جميع أركان الامبراطورية العثمانية بما فيها ألبانيا وليبيا.
كما خدم فترة قصيرة كضابط أركان حرب في سالونيك واسطنبول وكملحق عسكري في صوفيا وكان بعد تخرجه من المدرسة العسكرية قد أظهر تميزًا عسكريًا وأصبح بطلًا وطنيًا في حملة الدردنيل عام ١٩١٥ورقى لرتبة جنرال عام ١٩١٦وكان يبلغ من العمر ٣٥ عامًا.
كما خدم كقائد للجيوش العثمانية في فلسطين وحلب ثم ساهم في الانقلاب ضد السلطان العثمانى «وحيد الدين محمد» والخليفة الصورى عبدالمجيد الثانى وأعلن في أنقرة قيام جمهورية تركية قومية على النمط الأوروبي الحديث، وانتخبته الجمعية الوطنية الكبرى رئيسًا شرعيًا للحكومة، وتم انتخابه بالإجماع رئيسًا لها وفى ٣ مارس عام ١٩٢٤م قام بإلغاء الخلافة وطرد الخليفة وأسرته من البلاد.