x

أيمن الجندي مصر لن تسقط بإذن الله أيمن الجندي الأحد 08-11-2015 21:11


لا أظن أننا بلغنا فى تاريخنا الحديث حافة الخطر كما بلغناها الآن. شعب كثيف، موارد شحيحة، اقتصاد مريض، سياسات خاطئة، نار تشتعل من حولنا فى كل مكان. ومصير مجهول- لم يتضح بعد- يُراد بالمنطقة.

نحن فى أتون التحولات الكبرى التى لا يتخيل معاصروها المصير المقبل الذى يتشكّل. هل تخيل سكان فلسطين للحظة، واليهود يتوافدون إلى شواطئها الطاهرة، أن دولة قوية عنصرية على وشك أن تُطبِق بمخالبها على عنق المنطقة؟ هل خطر ذلك لدولة الباشوات فى مصر؟ ما أسهل أن تحكم الآن بأثر رجعى؟ ولكن- والحديد المشتعل المتوهج ينصهر فى أتون النار- لا يمكن أن تتخيل التكوين الجديد والشكل القادم!.

وحتى إذا وسعنا الأفق: ماذا كانت الأرض لآلاف الملايين من السنين سوى سحابة غازية ساخنة تدور حول أمها الشمس؟ لو مر أحد الكائنات الفضائية فى رحلة كونية وشاهد تلك السحابة: هل كان يخطر بباله قط المروج الخضراء القادمة وينابيع الماء تتدفق عبر الصخور، والطيور الملونة الصادحة ومواسم الغزل التى تُنصب فى كل عام، وسحر فتاة واسعة العينين تقع فى الحب لأول مرة؟

■ ■ ■

لا أحد يعرف مصير المنطقة القادم، والذى لا ينبئ بخير فى مجمله. وبرغم السياسات الخاطئة فى السنوات الأخيرة، وبرغم الانقسام الذى ضرب مجتمعنا فى الصميم (دلونى على شعب نهض وهو منقسم!)، وبرغم أننا لسنا بحاجة إلى من يتآمر علينا، فقد كفيناه بأفعالنا الحمقاء جهد التآمر! برغم ذلك كله فإن مصر- بإذن الله- لن تسقط.

والمقصود بالسقوط هنا أن تتحول إلى دولة فاشلة، تفقد فيها السلطة المركزية قبضتها على البلاد. ربما لا يتصور البعض مأساة تراخى قبضة الدولة! الشعوب التى اصطلت بذلك- كالجزائر فى العشرية السوداء- تعرف جيدا معنى ذلك.

وقتها يصبح الخروج من البيت ولو لمجرد شراء السلع الضرورية للحياة مغامرة غير مأمونة. لأن الله يزع بالسلطان (أى بالقوة القاهرة) ما لا يزع بالقرآن (أى بالموعظة والأخلاق). نسأل الله لبلادنا السلامة.

■ ■ ■

مصر لن تسقط بإذن الله وأراهن فى ذلك على أشياء كثيرة. أراهن أننا شعب يحبها فعلا. صحيح أننا دائمو الانتقاد لها والسخرية منها، لكننا نفعل ذلك كالأم التى تدعو على ابنها وتغضب على من يقول «آمين».

لا يراودنى شك أننا سنتكاتف وقت الخطر. نحن شعب لا يخرج أفضل ما عنده إلا لحظة الوقوف على «الحافة». الطلبة يستنفرون جهدهم ليلة الامتحان. المشروعات تُقدم فى اللحظة الأخيرة. هُزمنا هزيمة منكرة فى سبعة وستين ولكننا استطعنا بالجهد والإصرار أن نتجاوز المحنة.

لحظة «الحافة» سوف نضع كل الاختلافات جانبا. وسترون أن الملايين ستتنافس على الموت كى تحيا مصر. هذا ليس كلاما عاطفيا بالمناسبة. ولا حتى بالتمنى، وإنما هو تحليل عميق للشخصية المصرية.

■ ■ ■

أراهن أيضا على جيشنا الوطنى الذى لا ينتمى إلى طبقة ولا طائفة. بل هو أشبه بباقة زهور: زهرة من كل بيت مصرى. صحيح أننى ضد توريطه فى السياسة. ولكن ثقتى به مطلقة. هذا جيش وطنى بمعنى الكلمة. لن يخون ولن يهرب ولن ينقسم، كما فعلت جيوش أخرى- للأسف- عربية.

ندعو الله أن تمر هذه الفترة الصعبة. ونطلب من السيسى- بصفته المسؤول الأول- أن يتحمل مسؤولياته. حصّن بلادك بالعدل ومحاربة الفساد. «إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم».

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية