لست متفاعلاً أو متحمساً لقرار غرفة صناعة الإعلام بمنع ظهور المسؤول الزملكاوى على شاشات القنوات الخاصة، رغم قناعتى بأن القرار صائب مائة فى المائة، حيث لا يليق بأى شخص، سواء كان مسؤولا أو مواطنا عاديا أن يخرج ليسب ويهين وينال من كرامة الآخرين على شاشات التليفزيون أو فى أى وسيلة إعلامية، وما يسرى على المسؤول الزملكاوى يجب أن يسرى على الجميع، ولكن خلافى على توقيت القرار والسبب الذى استنفر كرامة الغرفة كى تتخذه، بعد أن كانت تبتهج بفتح قنواتها لاستقبال حواراته وتصريحاته الحادة وتهديداته لكل من يختلف معه.
فالقرار لم يخرج من منطلق الحرص على الأدب والأخلاق لأنها مازالت تنتهك فى كل لحظة على هذه الشاشات من كثيرين، ليس المسؤول الزملكاوى المتفرد الوحيد بها، حيث استبيحت أعراض الناس والطعن فى شرفهم وسبهم ولم تتحرك غرفة صناعة الإعلام أو غيرها إلا عندما مستهم النار وطالهم لهيبها وطُعن فى ذمتهم ووطنيتهم وهُددوا بكشف المستور من حياتهم الخاصة، عندها فقط تحركوا وتذكروا آداب المهنة وأخلاقيات المجتمع واتخذوا هذا القرار الجرىء الذى أتوقع أنه لن يعيش طويلاً وسيسحب بعد جلسة عرب ومحبة بين المتخاصمين لتعود ريمة لعادتها القديمة، أما حق المواطن والمشاهد فى مادة إعلامية محترمة ومحترفة ومهذبة وتراعى القيم والأخلاق الإنسانية، فهذا أمر لا أراه سيتحقق فى القريب العاجل طالما ظلت المصالح والنوازع الشخصية هى التى تحكم إدارة المنظومة الإعلامية وقراراتها، وطالما ظل ميثاق العمل الإعلامى معطلا عن العمل ولا توجد عقوبات على القنوات أو المذيعين أو البرامج التى تنتهك خصوصية الناس وتستبيح الخوض فى أعراضهم واتهامهم بغير دليل فى ذمتهم ووطنيتهم، إلى درجة أن وصل الأمر ببعض المذيعين أن نصب نفسه قاضياً يوزع صك الوطنية على من يحب ويسحبها ممن يشاء، فمشكلتنا الآن باتت أكبر من منع المسؤول الزملكاوى من الظهور.
■ فى العمليات الجراحية الكبيرة دائماً ما تكون هناك مضاعفات وآثار جانبية وهذا ما يحدث فى الأهلى الآن، فالجراحة الدقيقة أو قل الثورة التى حدثت فى قطاع الكرة كانت كبيرة وخطيرة بالدرجة التى خلفت عددا من المضاعفات والآثار الجانبية التى مازالت تظهر يوما بعد الآخر، من هذه الآثار الجانبية التقرير الذى كتبه وسربه المشرف على الكرة السابق إلى الموقع المحبب لتسريباته والذى لا يدخر هو الآخر جهداً فى زعزعة استقرار الأهلى كلما جنح نحو الهدوء أملاً أن تحدث الانتكاسة ويقع فريق الكرة مرة أخرى فى دوامة المشاكل والخلافات، وهو أمر أراه بعيدا بعد أن دارت العجلة ونجح الفريق فى تجاوز أخطر مرحلة بعد العملية وفاز بكأس السوبر عن جدارة واستحقاق، وأتبعها بالفوز فى أول ثلاث مباريات ليتصدر الدورى، وتزامن ذلك مع أمرين مهمين: الأول إغلاق حنفية التسريبات من فريق الكرة التى كانت مفتوحة الموسم الماضى، والثانى القرارات الفنية الصارمة من المدرب البرتغالى ضد اللاعبين المتكاسلين أو المتعالين أو المغرورين، وهى قرارات غُلفت بحماية إدارية وقبضة حديدية من مدير الكرة وساندتها الإدارة بصرف مستحقات اللاعبين عن الموسم الجديد ليكون الأهلى أول نادٍ يلتزم مع لاعبيه.
من هنا فإن الآثار الجانبية أو مضاعفات هذا التقرير لم تجد لها صدى على أرض الواقع أو لم تتوفر لها البيئة لتنمو داخل الجسم فى مرحلة الاستشفاء التى يمر بها الأهلى وإن كان لهذا التقرير فى لغته وأغراضه الخبيثة وطريقة تسريبه العديد من الإيجابيات أهمها أنها أعطت الجسم مقاومة ومناعة من هذه الفيروسات والأمراض الخبيثة التى ستظهر أو تنشط مع كل كبوة أو هزة يمر بها فريق الأهلى، ناهيك عن أنها كشفت للرأى العام المتاجرين بحب الأهلى والانتماء له، وهؤلاء خطرهم أكبر من خصومه ومنافسيه، وكما قال الإمام على كرّم الله وجهه (اللهم اكفنى شر أصدقائى وأنا كفيل بأعدائى)، فعندما تأتى الطعنة من رجل يدعى حب الأهلى ويتغنى بالإخلاص له ثم يطعنه فى ظهره ويشهر به فإنها تكون أشد وأعمق، وكما قلت من قبل إن الأزمات تسقط الأقنعة وإن المحنة التى مر بها الأهلى قبل شهر أسقطت ورقة التوت عن كثير من المحيطين به وكشفت عن نواياهم فى هدم المعبد كى (يركبوا)، فإنها أبت أن تغلق أبوابها دون أن تكشف واحداً آخر بمجرد أن استبعد من المشهد أخرج خنجره ليطعن ناديه ويشهر به بأكاذيب وافتراءات تفضح نفسها، ورغم أننى من أنصار توجه بأن علاج التقرير اجتنابه، فلا مانع من أن أكشف بعض النقاط لتطهير الجرح من الفيروسات الخبيثة.
أولاً: إذا كان صاحب التقرير صادقاً ومقتنعاً بما ورد فيه.. فلماذا لم يتقدم باستقالته.. ولماذا لم يرفع هذا التقرير فى نهاية الموسم لمجلس الإدارة.. ولماذا انتظر حتى تتم إقالته ليكتب هذه الوقائع المزورة أو على الأقل التى تحمل وجهة نظر واحدة؟
ثانياً: توقيت تسريب التقرير قبل ساعات من مباراة الفريق أمام بتروجت فيه غدر وخسة وندالة وحقد أسود على فريق الكرة، فلا يوجد صاحب مصلحة فى تسريب التقرير سوى كاتبه أو أحد مؤيديه داخل المجلس، فإذا علمنا أن مجلس الإدارة لم يصوت من الأساس على إقالته (كما ادعى زوراً فى برنامج تليفزيونى مخصص فى تدمير الأهلى ويقدمه أحد أبنائه بالمناسبة) وأنه حدث اتفاق عام على استبعاده بعد استعراض أخطاءه الإدارية يبقى المتهم الوحيد كاتب التقرير.
ثالثاً: من المفترض فى أى تقرير أن يكون له هدف فنى وإدارى، ولكن هذا التقرير جاء يحمل رسالة واحدة «اقتلوا محمود طاهر» لأنه فضل مصلحة الأهلى على علاقته الشخصية، وأبى أن يستمر المشرف على الكرة فى ظل الأخطاء الإدارية الفادحة التى وقع فيها. ووصل التناقض مداه عندما ادعى صاحب التقرير أنه لا يصون مبادئ الأهلى، وفى الوقت نفسه يتهم رئيس النادى بأنه أخطأ فى قراره بسحب الشارة من حسام غالى وهو موقف اتفق الجميع على أنه تربوى وأخلاقى، والأهم أن آثاره جاءت إيجابية، وعاد حسام غالى أقوى وأروع مما كان (وللعلم محمود طاهر هو الذى أصر على عودة اللاعب، رغم ارتفاع سعره باعتباره أفضل من يقود الأهلى فى مرحلة الإحلال والتغيير.
رابعاً: اتهم صاحب التقرير رئيس النادى بأنه لم يمارس الكرة، ولم يدرها وفى نفس الوقت أشار إلى أنه قام هذا الموسم بالتفاوض مع وكلاء اللاعبين، ما يؤكد أن الرجل عندما عمل بنفسه ولم يترك الأمر للمشرف على الكرة كما حدث فى الموسم الماضى تم تدعيم الفريق بثمانى صفقات سوبر، وآخرهم صفقتا رامى ربيعة وأحمد حجازى اللذان رفض المشرف التعاقد معهما وأصر عليهما رئيس النادى «اللى مابيفهمش فى الكرة، كما يزعم» وهما كما رأى الجميع أحدثا الفارق وأفادا الفريق أكثر من شريف عبدالفضيل وجدو.
خامساً: كانت الأمانة تقضى- ولكن هذا أمر نطلبه من غير أهله- أن يسرد التقرير الأخطاء التى وقع فيها المشرف ومنها التعاقد مع محمد رزق وقيده فى القائمة الأفريقية ليفاجأ الجهاز الفنى باستحالة سفره خارج مصر، بسبب مشكلة فى التجنيد، الأمر الذى أفقد الفريق عنصرا مهما فى مركز مهم ودفع النادى للاستغناء عنه، رغم حاجة الفريق له، وأيضاً التعاقد مع اللاعب رمضان صبحى مباشرة ودون توقيع ولى أمره، ما يعنى أنه لم يقرأ اللوائح ثم الخسارة المالية الفادحة بالتعاقد مع البرازيلى هندريك دون أن يلعب مباراة وغيرها من المشاكل التى كانت تحتم الأمانة ذكرها.
سادساً: وفى الوقت الذى يحدثنا فيه كاتب التقرير عن المبادئ والأمانة وحب الأهلى الذى يتقاضى مقابله مائة ألف جنيه راتباً شهرياً (خالصة الضرائب)، هو نفسه خان الأمانة على الهواء مباشرة، وأفشى أسرار الأهلى فى برنامج تليفزيونى بقوله إن لجنة الكرة كانت ترفض استمرار متعب وغالى، وهو كلام للفتنة وليس للحقيقة، ثم زاد على الخبث خبثاً بادعائه أنه كتب التقرير بهذه الصيغة وسربه بالاتفاق مع شخص داخل المجلس بهدف إحراج رئيس النادى وسحب ملف الكرة منه.
ولا أجد ختاماً أفضل لهذا المقال من قول سيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة والسلام: (أربعٌ من كنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر)، وأتمم الخاتمة بقوله تعالى (إن المنافقين فِى الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّار وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا).