x

يسري الفخراني ماسبيرو من جديد! يسري الفخراني الثلاثاء 03-11-2015 21:21


أصدق كثيرا أن الحكومة لا تعرف حجم ما تملك من ثروات عليها فقط بقليل من الحكمة وكثير من العمل الاستفادة منها وتطويرها وتنميتها والكسب منها، هذا مقال عن ماسبيرو، المبنى الأهم على كورنيش القاهرة، أول مرة حصلت على موعد بزيارة المبنى فى بداية عملى الصحفى، راجعت كل ذكرياتى ـ وأجيال كثيرة ـ حصلت عليها من خلال مابثه هذا المبنى على مدى سنوات طويلة من خلال قنوات التليفزيون ومحطات الراديو، ذكرياتنا وأكثر، ثقافتنا وعاداتنا وحفلاتنا واحتفالاتنا، أخبار معاركنا، سنواتنا التى استقبلناها وودعناها، المسلسلات التى شكلت جزءا من عقولنا، تلاوات القرآن الكريم التى صنعت فرقا فى مشاعر مستمعيها، البرامج التى تنوعت بين ترفيهى وثقافى ودينى، لولا هذا المبنى ما احتفظ أحد بحفل لأم كلثوم ولا تلاوة للشيخ رفعت، ولا سمعنا حتى اليوم أناشيد النقشبندى ولا صعد جيل من المبدعين إلى النور.

ماسبيرو، فى أول يوم خطوت إلى مبناه الذى يشبه أسطوانة موسيقية، كان حلما مثيرا، أخطو فأقابل على سلالم المبنى الدكتور مصطفى محمود والموسيقار محمد عبدالوهاب، ألمح الأستاذ كمال الطويل وأنيس منصور. كان يوما حافلا مازلت أذكر هؤلاء الضيوف الذين رأوا أن هذا المبنى من الأهمية أن يكونوا ضيوفا فى استديوهاته .

مرت سنوات، ومازلت أرى ماسبيرو بعين العاشق القديم، الذى يفهم فى أصول وقيمة هذا المبنى، على الرغم من ضياعه وسرقته وإهماله، لا أنسى شغفى الأول به ولا ذكريات صنعت منه ولا ثقافة وإعلام انتشرت إلى كل بيت مصرى وعربى.

لست هنا للإجابة: ماذا حدث لمبنى عريق؟ إنما لنفكر فى: ماذا يمكن أن نكسب من مبنى مهم؟

1 ـ لا يهم أن ننشغل الآن بإعادة تنظيم اتحاد الإذاعة والتليفزيون والتفكير فى التخلص من العاملين فيه، بقدر أهمية أن نمنح الثقة لكل عامل فى المبنى أن العمل الجاد يمكن أن يعيد بريق ماسبيرو بمن فيه.

2 ـ أن نعترف أن السبب الأول لانهيار المبنى كان حروبا حقيقية شنت على ماسبيرو لإنهاء سطوة الإعلام الرسمى لمصلحة جهات أخرى، قنوات خاصة فى الداخل وفى الخارج، وأن الحرب لم تخل من فساد وسرقات.

3 ـ ليست فضيحة أن يتم التخلص فورا من عدد كبير من القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية، الفضيحة استمرارها بهذا الشكل.

4 ـ إعادة ترتيب أوراق، لكى يكون هناك أولوية لما يمكن إنقاذه من المبنى بشكل سريع، التليفزيون ـ على عكس كل القنوات الخاصة ـ يمتلك ولا يؤجر، يمتلك استديوهات وكاميرات وغرف مونتاج وسيارات للنقل الخارجى وترددات، ومن قبل مواهب حقيقية ومبدعين، هذه مميزات عظيمة يمكن تفعيلها لإنتاج عدد قليل من البرامج الكبيرة، 3 برامج يومية تصنع بدقة وحرفية يمكن أن تجذب المشاهد المصرى والعربى فى وقت قصير للغاية، مع فرصة انتهاء صلاحية برامج كثيرة كبيرة على القنوات الخاصة.

5 ـ على كل نجوم الدراما المصرية الذين بدأوا من إطلالة كبيرة على شاشة التليفزيون، أن يردوا الجميل لتليفزيون بلدهم، بالظهور بأجور معقولة لعمل واحد على الأقل خلال السنة الأولى من إعادة بريق ماسبيرو. كل نجوم العالم الكبار فعلوا ذلك فى ما يخص بلدهم، التبرع بقيمة جزء من الأجر من أجل مصلحة عامة، أو على الأقل الدخول بأجورهم شركاء لمدة مرة واحدة فى عمل فنى مع تليفزيون الدولة.

6 ـ الروايات المسرحية المميزة التى بدأ مسرح الدولة فى إنتاجها مثل (ألف ليلة) للفنان يحيى الفخرانى، لماذا لا يتم تصويرها لتذاع حصريا على تليفزيون الدولة أيضا مع وجود عقود تضمن أرباحا لكل الأطراف.

7 ـ على كل مبدع مصرى، أن يساهم ولو بعمل فنى واحد فى التليفزيون بأجر مقبول، الكتاب والموسيقيين والشعراء والمصورين، وأنا أعتقد أن أغلبهم سيوافق، لأن نجاح إعلام بلدهم سوف يعفيهم من حرج التوسل للقنوات الخاصة.

8 ـ أن يكون هناك مرونة أكثر فى التعامل مع المنتجين لكى يبدأ إبداع حقيقى على الشاشة أو الراديو، فالتوقف عند التعامل بعقليات قديمة يفسد أى حماس للعمل.

9 ـ الاستفادة من موقع مبنى ماسبيرو، وإقامة استديوهات صغيرة تطل على النيل لمن يرغب من القنوات الخاصة لتأجيرها وتقديم كافة الخدمات الخاصة بالبث والتصوير.

10 ـ يجب أن تبدأ حملة تجديد وتطوير للمبنى من الداخل ومن الخارج مع تقديم عروض لرعاة للمساهمة فى هذه المهمة مقابل إعلانات مجانية.

11 ـ لا يجب النظر للمبنى على أنه واجهة سياسية للدولة، إنما نافذة اقتصادية، مشروع تجارى ضخم يمكن الاستفادة من كل حجر أو بشر فى هذا المبنى المهم.

12 ـ علينا أن نعمل على استعادة كل وثائق الإذاعة والتليفزيون المسروقة عبر السنوات الماضية، على الأقل مطالبة كل لصوص هذه المواد التى تذاع علنا بنسخ منها يستردها المبنى.

ماسبيرو مهم ومشروع وطنى، يمكن ببساطة أن يساهم بقوة فى إعادة الهوية المصرية التى فقدناها، والقيم والمتعة التى سلبت من حياتنا. هذه ليس أفكارا.. هذه مقدمة، أعلم أن هناك عشرات المبدعين يمكن أن يضيفوا لها المزيد، ليس حلما مثاليا أن نطالب باستعادة قيمة ماسبيرو، إنما حلم مشروع بمشروع.. دعونا نفكر، لا يمكن أن يظل الأمر مجرد اتهامات متتالية للإعلام.. بدون خطوات نحو إصلاح، وللعلم كنا منذ سنوات قليلة على وشك أن نفعل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية