هل تتذكرون القرار الذى أصدره عام 2008 الرئيس الأسبق حسنى مبارك والذى حظر سير المقطورات على الطرق السريعة فى موعد أقصاه 2014؟ كان هذا القرار قد تم إصداره بعدما تعددت حوادث الطرق وراح ضحيتها آلاف الأبرياء، وثار الرأى العام بعدما تبين من دراسات متعددة أن المقطورات وراء معظم هذه الحوادث، ومر عام 2008 وبعده سبع سنوات ورحل النظام وتعددت الوزارات وتعاقب وزراء النقل وتجدد القرار وكل سنة يُمنح أصحاب المقطورات سنة أخيرة لتنفيذه، وسنة جديدة، وسنة أخرى وكأنه واجب سنوى واجب الأداء. يتأخر تنفيذ القرار ويسقط على أسفلت الطرق المزيد من الضحايا حتى تصدرنا دول العالم فيما يتعلق بحوادث الطرق وعدد الضحايا. كل سنة يضغط أصحاب المصلحة، أصحاب المقطورات وصانعوها وسائقوها ويهددون الدولة بإضراب شامل ومفتوح غرضه إحداث شلل فى الأسواق والموانئ وتوقف حركة نقل السلع والبضائع بين المحافظات والتى تعتمد فى معظمها على سيارات النقل الثقيل وما تجرّه وراءها من مقطورات، وكلما اقترب موعد التنفيذ ضغط أصحاب المصلحة وهددوا وأسهبوا فى عرض ما سيتحمله المواطن الغلبان من زيادة فى أسعار السلع، وكأن قلوبهم على هذا المواطن الذى يعانى من سعار الأسعار منهم ومِن كل مَن يقدم له سلعة أو خدمة.
كل سنة تبدأ مهلة أخرى وثالثة ورابعة وتمرح المقطورات على الطرق السريعة وتقتل الناس وتفسد بنية هذه الطرق وهى تحمل ما يزيد على ثلاثة أضعاف حمولتها المقررة قانونا، ثمانية وتسعون فى المائة من حجم نقل البضائع فى مصر تقوم على الشاحنات والمقطورات فى واقع لا تعرفه دول العالم التى تعتمد بشكل أساسى على عربات البضاعة بالسكك الحديدية التى انقرضت عندنا وضاعت، مع أنها الأرخص والأسرع والأكثر استيعاباً ولا يمثل النقل النهرى مساهمة تذكر فى حركة النقل.
مضت سبع سنوات ومازالت المقطورات الخطيرة تمرح على الطرقات وتسرع وتقتل، ومازال أصحابها يهددون، ومازال المسؤولون فى وزارة النقل يفاوضون ويعرضون حلولاً يرفضها أصحاب السيادة أصحاب المقطورات، وقد تعجبت منذ أيام عندما صرح اللواء سعد الجيوشى وزير النقل فى تصريحات لملحق سوق السيارات بـ«الأهرام» بأنه بصدد عرض حل يرضى جميع الأطراف وهو تخفيض وتوحيد الرسوم التى يتم تحصيلها على طول الطرق (مقابل) التزام المقطورات والشاحنات بالحمولة المقررة على كل الطرق. لفتت نظرى كلمة «مقابل» هذه، فالالتزام بالحمولة المقررة واجب وأمر لا يستدعى جزاءً ولا شكوراً بل يستدعى فى حالة مخالفته ردعاً وعقاباً، وفهمت من هذا الحل المعروض أن تفعيل قرار إلغاء المقطورات أصبح فى خبر كان، وستظل المقطورات تمرح وتسرع وتقتل، وسيظل أصحابها وسائقوها يهددون ويتوعدون. فهل كان فهمى صحيحاً؟ هل سنعود من جديد لنقطة البداية؟ أما من نهاية لهذا السيناريو الممل؟