فى كل دول العالم المتحضرة، هناك دليل سنوى يصدر بلغة البلد ولغة أجنبية واحدة على الأقل عن الكتب التى صدرت فى السنة السابقة، وآخر عن العروض المسرحية، وثالث عن العروض الموسيقية، ورابع عن معارض الفنون التشكيلية، وخامس عن الأفلام السينمائية التى تم إنتاجها، وسادس عن الأفلام والمسلسلات الإذاعية «الراديو والتليفزيون».
وهذه الأدلة تحتاج إلى ميزانيات كبيرة لأنها يجب أن تكون نتاج مجموعات عمل من الخبراء الذين يعملون طوال السنة، وكل سنة، ويتبعون مناهج علمية دقيقة وثابتة تتطور ولكن لا تتغير، وإذا كان إصدار دليل الأفلام والمسلسلات الإذاعية مسؤولية اتحاد الإذاعة والتليفزيون «الصحيح الراديو والتليفزيون»، فإن إصدار الأدلة الخمسة الأخرى مسؤولية وزارة الفنون، أو الثقافة كما نطلق عليها.
وربما يتصور البعض أن هذه الأدلة «رفاهية مثقفين»، كما يقال عن أشياء كثيرة ضرورية، أو أنها تفيد الباحثين فى التاريخ فقط، وكأن هذا عيب، ولكن الحقيقة أنها تفيد المستقبل أساساً، فمن دونها لا يكون التسويق تسويقاً، ويستحيل التخطيط والتطلع إلى آفاق جديدة، وليس المقصود قوائم بعناوين الأعمال وبعض المعلومات التى يدونها موظف أو موظفون فى إدارة ما، كما يحدث فى بعض القطاعات، وإنما أدلة علمية شاملة تصبح مراجع معتمدة، وهى ما نفتقده مع الأسف الشديد.
وبخصوص الأفلام السينمائية كانت مؤسسة السينما فى الستينيات، أول من أصدر دليلاً سنوياً للأفلام، ولكنه كان يقتصر على معلومات قليلة، وكان عن «الموسم» الذى يبدأ فى الخريف وينتهى مع الربيع، حيث لم تكن الأفلام الجديدة تعرض فى الصيف، وقد بدأت العمل فى النقد السينمائى عام 1965، ووجهنى أستاذى الراحل بدر الديب إلى ضرورة إصدار دليل سنوى يبدأ مع أول يناير وينتهى مع آخر ديسمبر حتى يحقق «حتمية الرقم»، أى أن يستند رقم الفيلم على أسس علمية موضوعية لا تجعله يختلف بين قائمة وأخرى، وقد سألته كيف يتم ترتيب الأفلام التى تعرض فى نفس اليوم؟ فقال: حسب الحروف الهجائية، ومع حذف الألف واللام.
وبالفعل، أصدرت أول دليل حسب السنة الميلادية عام 1967 بعنوان «الدليل السينمائى لعام 1966»، وفى السبعينيات أصدر الراحل عبدالمنعم سعد دليلاً سنوياً تمسك فيه بمنهج «الموسم»، وأصدر أحمد الحضرى - حفظه الله - دليلاً بمنهج السنة عن طريق المركز القومى للسينما، وظل يصدر بانتظام حتى توقف منذ سنوات، وكان كتالوج المهرجان القومى عندما بدأ عام 1991 يتضمن لأول مرة دليلاً سنوياً عن الأفلام التى تم إنتاجها، وليس التى عرضت فقط، وهو المنهج الأصح لأن ما لم يعرض لا يعنى أنه لم ينتج، من إعداد الباحث الكبير مجدى عبدالرحمن، ولكنه توقف أيضاً منذ سنوات، ولم يعد يصدر سوى ما يسمى «بانوراما» عن صندوق التنمية الثقافية، وبعد مرور سنوات على السنة موضوع الكتاب الذى يتضمن معلومات مبتسرة، ويفتقد حتى إلى مدة عرض الفيلم، وهكذا أصبحت الأفلام المصرية من دون دليل.