x

طارق عباس اللحظة التى أخشاها طارق عباس الجمعة 23-10-2015 20:07


لا يختلف اثنان فى أن انتخابات المرحلة الأولى لمجلس نواب 2015 - والتى شملت 14 محافظة - شهدت إقبالا ضعيفا للغاية، وهو ما كان متوقعا ولم يكن منتظرا، خاصة أنها تعتبر الانتخابات البرلمانية الأولى بعد سقوط حكم الإخوان فى 30 يونيو 2013، وحلول نظام سياسى جديد كان المطلوب منه إعادة مصر للمصريين وتوفير كافة السبل لكى يعيشوا حياة هانئة مستقرة مبنية على تكافؤ الفرص وتمكين أهل الخبرة من قيادة البلاد، من هنا كانت الحاجة الملحة لبرلمان بطعم مختلف ودم مختلف وأفكار جديدة تتناسب مع التحولات التاريخية المهمة فى مصر والشرق الأوسط، وكان المنتظر كذلك أن تكون هذه الانتخابات بمثابة الواجب الوطنى الذى يفرض على الجميع المشاركة فى أدائه مثلما شاركوا استحقاقات برلمانية ودستورية سابقة، من أجل بلوغ إنجازات حقيقية يشعر بها الجميع وتعود بأعظم النتائج على الجميع.

لكن يبدو أن المرجو شىء والواقع شىء آخر، إذ ظهرت على السطح عوامل كثيرة كان لها دورها السلبى فى أن نرى المرحلة الأولى من المشهد الانتخابى بالصورة البائسة التى رأيناها وأن تتراوح نسبة الإقبال من 16% إلى 25% فقط من جملة عدد الناخبين، بعض هذه العوامل يتحمل النظام السياسى وحده المسؤولية عنها مثل:

أولا، وجود نفس المشكلات التى كان يعانيها المصريون قبل ثورتى يناير ويونيو والمتمثلة فى زيادة الفقراء فقرا والأغنياء غنى، وغياب العدالة الاجتماعية واستمرار التدهور فى مؤسسات: «الصحة والتعليم والإسكان والمواصلات» وظهور نظام بيروقراطى لا يسمح للمثقفين والشباب بممارسة إبداعهم، هذا بالإضافة إلى لجوء الحكومات مؤخرا لنفس الأساليب العقيمة والطرق البالية فى علاج أزمة الموارد مثل: «زيادة الضرائب والاعتماد على الاقتراض الداخلى والخارجى ورفع أسعار الخدمات العامة وغيرها من الأمور التى أعطت انطباعا بأن التغيير حلم بعيد المنال وأن ما كان يعيشه الناس أيام مبارك والمجلس العسكرى ومرسى، هو نفسه ما يعيشونه الآن وهو ما يعنى كما يقول المثل العامى «أحمد زى الحاج أحمد».

ثانيا، التأجيل المتكرر للانتخابات مما خلق حالة من عدم الثقة فى إمكانية إجرائها وإحساس الكثيرين بأنه حتى لو تم إجراؤها فلن يكون مؤثرا بأى حال من الأحوال.

ثالثا سماح النظام بعودة المال السياسى بشكل فج ووقوف اللجنة العليا متفرجة على هذا السفه وكأنها تعلن موافقتها الضمنية على إعادة إنتاجه.

رابعا عدم تفعيل قانون الانتخابات إلا قبل إجرائها بفترة بسيطة بعد أن تعرض هذا القانون للعديد من الطعون نتيجة ما أصابه من عوار دستورى واضح، .

وكذلك كانت هناك عوامل تتعلق بالأحزاب والمرشحين والإعلام لعل أهمها:

أولا إيهام الناخبين بأن هناك قوائم تحظى بدعم الرئيس ومباركة الحكومة وتم الترويج لهذه الفكرة بترك أصحاب هذه القوائم يعيثون فى الشوارع والميادين والجماهير إعلانا وإعلاما قبل فتح باب الدعاية الانتخابية بشهور فى مخالفة صريحة لشروط النزاهة والشفافية.

ثانيا كثرة عدد المرشحين، بعضهم عليه الكثير من التحفظات وبعضهم أبناء برلمانيين سابقين إعمالا لمبدأ التوريث، وبعضهم رشح نفسه من أجل الشهرة أو الابتزاز، وبعضهم لم يسمع عن نفسه وتوهم أنه ملء الأسماع والأبصار.

ثالثا قيام الإعلام بعرض الحقائق ونقائضها فى وقت واحد وهجومه المستمر على ثورة يناير واتهامه لشبابها بالعمالة.

أشياء كثيرة لوثت مشاعر المصريين وعقولهم ودفعتهم دفعا للعزوف عن المشاركة فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، كلها عكست وعى هذا الشعب بمشكلاته وأزماته وإصراره على ألا يقف موقف المتفرج على ما يتعرض له ويواجهه، لهذا اتخذ قراره بالمقاطعة ليس بدافع الإحباط - كما يروج البعض - وإنما بدافع حبه لوطنه وإيمانه برغبته فى الإصلاح والتغيير.

ليس بعيدا عن الذاكرة طوابير المصريين أمام لجان الاستفتاء والانتخاب فى الأعوام 2011 - 2012 - 2014، وإحجامه الآن هو مقدمة منطقية لغضب يتراكم يوما بعد يوم، إلى أن تأتى لحظة الانفجار التى أخشاها مثلما يخشاها كل المصريين..

فهل هناك حياة لمن ننادى؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية