x

كريمة كمال لا سياسة ولا منافسة كريمة كمال الأربعاء 14-10-2015 21:39


هناك حالة محمومة من محاولة دفع الناس للنزول للتصويت فى الانتخابات القادمة. هذه الحالة تزداد حدة كل يوم مع ظهور بعض المؤشرات والدراسات التى تؤكد أن نسبة التصويت سوف تكون ضعيفة ومع اقتراب موعد الانتخابات تزداد هذه الحالة حدة مقترنة مع التخويف والترهيب من مغبة عدم النزول وعواقبها على البلاد من انفراد السلفيين بالمجلس النيابى وحتى الترهيب من عودة الإخوان.

وبصرف النظر عن جدوى هذا الترهيب والتخويف فى رفع نسبة المشاركة فى الانتخابات القادمة فإن السؤال الذى يجب أن يطرح نفسه هو ما الذى صنع هذه الحالة من السلبية والنفور والملل تجاه الانتخابات البرلمانية القادمة والمشاركة فيها؟ لا يمكن تجاهل الوضع السياسى أو اللاسياسى الحالى وكل ما جرى من خطوات نحو البرلمان نزعت عن الانتخابات السياسة والمنافسة وحولتها إلى حالة معروف سلفا نتيجتها، هنا تم القضاء على روح المنافسة ولم يعد هناك دافع للمشاركة طالما لن تفعل هذه المشاركة شيئا.. منذ أن تم وضع القوانين المنظمة للانتخابات تم تمهيد الأرض لعدم حدوث حتى منافسة حقيقية، ومنذ أن بدأ الحديث يجرى عن الانتخابات ارتفعت الأصوات مطالبة بالاتفاق على صوت واحد يمثل كل الأحزاب والاتجاهات، وبدأت المحاولات فى عمل قائمة تضم الجميع مع التركيز على أهمية الوفاق الوطنى والاتفاق على قائمة واحدة وصار الجميع يغنى للوفاق والاتفاق بصفته منافيا للخصام والانفصال وبصفتنا نبحث عن وحدة الوطن تحت شعار واحد ومسمى واحد وهدف واحد وهو ما لا يتفق بأى حال من الأحوال بخوض انتخابات برلمانية قائمة على المنافسة وهى بالضبط ما يدفع الناس للمشاركة كلا وراء مرشحه أو قائمته التى يشعر بحق أنها تمثله أو أنها تعبر عنه.. الأسوأ أن هذه المحاولة من خلق وفاق مزعوم قد تورط فيها العديد ممن ينتمون للدولة فى البداية، رئيس وزراء مخضرم ثم قيادات فى أجهزة أمنية وهذا الانخراط ساهم فى تدخلات فى الضغط على قوائم مرة لإفشالها ومرة لدفعها للانسحاب، وفى كل مرة كان هذا يؤتى ثماره، كان التنافس ينسحب من العملية الانتخابية برمتها ويسحب منها مصداقيتها والثقة فى نزاهتها فنزاهة الانتخابات لا تقتصر على نزاهة الصناديق أو نزاهة التصويت بل تبدأ أصلا من نزاهة وضع القوانين وعدم التدخل بالضغط من أى مؤسسة من مؤسسات الدولة سعيا لفرض اتجاه أو مجموعة وهو ما يعطى الانتخابات مظهر أنه قد تمت هندستها بطريقة تؤدى فى النهاية لنتيجة مخططة سلفا لذا فنحن نرى قيادات قوائم بعينها يتحدثون وكأنما الانتخابات قد حسمت لصالحهم قبل أن تبدأ أصلا، ولم لا إذا ما كانت قائمة فى حب مصر قد بدأت بوضع صورة الرئيس السيسى وانتهت بالحديث عن أنها الظهير السياسى المساند له فى الوقت الذى تم إبعاد تيارات أخرى بعينها ليس من العملية الانتخابية ولكن من الحياة السياسية بعد اتهامها بالعمالة والتمويل والعمل على تخريب استقرار البلاد ودفعها نحو الخراب لمجرد أنها لا تسرب داخل السرب ثم يتحدثون بعد كل هذا عن برلمان موافقة وبرلمان منزوع الأداء السياسى، والأهم الخوف من انتخابات بنسبة مشاركة ضعيفة وكأنما كل هذا قد حدث صدفة وليس نتيجة لما تم هندسته عمدا والوصول إليه مع سبق الإصرار والترصد.. لقد انتزعت السياسة انتزاعا واقتلعت المنافسة عمدا فماذا كنتم تنتظرون؟ لقد أقصيتم عمدا قطاعات كاملة عن الساحة مرة بمؤامرة خمسة وعشرين يناير ومرة بالأحزاب الضعيفة الهشة التى لا لزوم لها ومرة بالتوافق فى كيان واحد هو فقط الوطنى وهو فقط فى حب مصر والباقى خونة ومنفصلون وطابور خامس كما يردد الإعلام.. حسمتم الأمر قبل أن يبدأ وأخرجتم المنافسة من الساحة وقضيتم على السياسة فمنذ متى كان الهدف أن نتوافق كلنا على شىء واحد، وما صلة الانتخابات بالتوافق والانضمام فى كيان واحد فإذا ما تم ذلك ما الذى ننزل وننتخبه؟.

من الغريب حقا أن تبدو النتيجة الآن فقط وبمثل هذا الوضوح رغم أنها كانت متوقعة أصلا فهل يجدى الصراخ والخوف والتشجيع والتخويف والترهيب فى دفع الناس للمشاركة بديلا للمنافسة والسياسة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية