x

جمال الجمل إلى موسى وسائر العباسيين: Game Over جمال الجمل الإثنين 12-10-2015 22:14


في صيف 1986 جلسنا نشاهد مباريات كأس العالم، وأثناء انطلاقة مارادونا في لقاء الأرجنتين وبلجيكا، فاجأنا المعلق قائلا: ومارادونا بقى بيعمل سبرينت، بيفكرنا بالكرارتي!.. طبعا غرقنا في الضحك، خاصة وأن بعضنا لم يكن يعرف الكابتن عبده الكرارتي لاعب نادي دمياط القديم.

لا أتذكر هذه الواقعة الآن، بمناسبة اقتراب عيد ميلاد مارادونا الـ55 الذي يحل نهاية الشهر، ولا بمناسبة الكتابة عن كرة القدم، لكن بسبب «الفيديو جيم» الذي قدمه «المقدم» أحمد موسى في برنامجه التليفزيوني، باعتباره مشاهد مصورة لغارات روسية في سوريا، فقد خطر على بالي التعليق التالي: وأحمد موسى بقى بيعمل واحدة من حركات «جون رندون»...

لكن من هو جون رندون؟

قبل أن أجيب أوضح أن ما يهمني هو الجرأة على مقارنة مارادونا بالكراراتي لمجرد أن كليهما يلعب كرة القدم، وكذلك مقارنة موسى بجون راندون لمجرد أنه كليهما يلعب بالإعلام، وبعيدا عن موسى وما يلعبه، فإن راندون واحد من كبار صناع الأكاذيب فيما يعرف بحرب التضليل الذي تستخدمها الولايات المتحدة كأحد أسلحتها الاستراتيجية.

مثل راندون، لا تعنيه الحقيقة، لأنه «يفبرك» الوقائع ولا ينتظرها، حتى أن بعض الكتاب الأمريكيين الذين انتقدوا أسلوب بوش في حرب العراق، قد اثبتوا أنه لولا جهود جون راندون في تلفيق الأكاذيب، ما استطاع بوش أن يشن حربه ضد صدام حسين.

لدي تفصيلات كثيرة عن أكاذيب راندون التي ربح من خلالها مئات الملايين من الدولارات وأسس شركته الإعلامية الشهيرة «راندون جروب»، لكن الحال مع موسى وإخوانه من «العباسيين» يختلف كثيرا، لأنهم يلعبون بـ«طريقة بلدي» تميل إلى الاستعباط والعشوائية، ولا تستخدم من تكنولوجيا المعلومات إلا قصاقيص خيالية على طريقة «كابتن ماجد»، حيث يقتطع المعد أي لقطة فيديو عابرة من يوتيوب، ثم يحشر في دماغ المذيع كلمتين من نوع: أسرنا قائد فرقاطة أمريكية، وهددنا المارينز، وروسيا استعانت بـ«أبوالغضب»، وقريبا تستخدم «مازينجر» في الغارات ضد داعش، وسوف تكنس كل أصناف الإرهابيين في سوريا!

كتبت كثيرا عن التضليل الإعلامي، لكني هذه المرة أكتب عن «فنياته».. عن الصنعة.. عن المهنة... عن الاحترافية.. عن احترام عقول المشاهدين وثقافتهم، وقديما قالوا: «كذب محبوك أفضل من صدق مفكوك»، فما بالنا وهؤلاء الساقطون يكذبون بتبجح، ويلفقون برداءة، ويفرضون علينا بضاعتهم الفاسدة عنوة؟!

القصة ليست في موسى، ولا بكري، ولا في خبراء الاستراتيجية «الذين يوجهون الشكر للست الرباعية التي خدمت بلدها تونس»!

القصة أن هؤلاء «الأذكياء» لديهم قناعة أنهم يتعاملون مع «شعب غبي»، وما عليهم إلا أن «يسرحوا بدماغه» بصرف النظر عن المنطق وعن الواقع، وهذا التوجه ليس فرديا، لأنه لا يخص موسى، ولا عينته من «أنفار الإعلام»، لكنه بضاعة فرز ثالث استوردتها الأجهزة الأمنية باسترخاص لمحاكاة تجارب الغرب في صناعة وتوجيه الرأي العام، وتستخدمها محليا «بالطريقة البلدي» حيث تزرع «أنفارها» في الصحف وعلى الشاشات، ليظهروا بالبالطو الأصفر والصحيفة المخرومة كمخبرين بائسين، وأبواق صدئة تثير السخرية أكثر مما تؤثر في الرأي العام.

وكنت قد بدأت مع اندلاع ثورة يناير في توثيق مختلف المداخلات على الفضائيات، وتسجيل الأحداث والمواقف، وهالني أن ما سمي إعلاميا بالطرف الثالث موزع بشكل أوتوماتيكي مفضوح بين المماليك المتصارعين على السلطة: الإخوان وأعوانهم في جانب، والأجهزة الأمنية في جانب، ولدي تسجيلات كثيرة مثلا لخبير أمني وهمي يدعى «سامح الطرابلسي» دفعت به الأجهزة ليبث الأكاذيب، يهاجم هنا، ويهادن هنا، ويشوش هنا، والمضحك أن موسى وحده تخصص في استضافة الطرابلسي الذي يحمل رتبة لواء!

وبرغم أنني لم أحقق معظم الوثائق التي جمعتها، لأنها تحتاج إلى فريق بحثي ضخم وإمكانيات مؤسسة، لكنني مستعد للمقامرة (على مسؤوليتي) بإلقاء قفاز التحدي في وجه موسى ومن وراء موسى أن يثبت لي أن الطرابلسي لواء حقيقي، أو شخصية حقيقة بنفس الاسم، وليس مجرد «صوت» يتم استخدامه كأداة على طريقة الفتى الطائر «هشام الشاذلي» الذي تم تصنيعه كنموذج لـ«المواطنين الشرفاء» الذين يترصدون للإيقاع بالثوار، ويقومون بالخدمات المملاة حبا في البلد!

القضية لا تحتاج سنودن، ولا برنامج بريزم، القضية تحتاج إلى قليل من العقل، فمثلا يمكننا أن نندهش ونسأل:

* لماذا لم يظهر ذلك اللواء الوهمي على الشاشة أبدا بشخصه، واكتفى بالمشاركات التليفونية؟

* ولماذا اقتصرت مشاركاته على برنامج أحمد موسى رغم الانتقال من فضائية إلى أخرى؟

- القصص مثيرة، وسوف نتسلى بروايتها في المقالات المقبلة...

جيم أوفر

جمال الجمل

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية