x

مراد وهبة لماذا فشل عرفات؟ (59) مراد وهبة الأحد 11-10-2015 21:19


ماذا كان رد الفعل عندما التقى عرفات بممثلين عن المجلس الإسرائيلى للسلام فى 18 يناير 1983؟

أذاعت وكالات الأنباء العالمية خبر اللقاء، وصدر بيان من عرفات فى كل من تونس حيث مقر إقامته وتل أبيب عبر فيه عن تقديره للدور الذى تؤديه قوى السلام الإسرائيلية من أجل تحقيق سلام عادل ودائم. ومع ذلك كانت الاستجابة سلبية.

لماذا؟

لأن الرأى العام الإسرائيلى لم يقدر هذه اللفتة التى أبداها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، إذ اعتبرها مجرد دعاية بلا معنى من قِبل عرفات، ومن ثم فلم يكن فى إمكان أى إسرائيلى أن يستجيب إيجابياً إلا إذا كان ساذجاً. ولا أدل على ذلك من أن العناصر الراديكالية بالمجلس الوطنى الفلسطينى فى اجتماعها بالجزائر قد وجهت إليه نقداً لاذعاً بدعوى أنه انتهك قرار عام 1977 بعدم لقاء إسرائيليين إلا إذا كانوا معادين للصهيونية. ومع ذلك فقد تم لقاء آخر بين عناصر من المجلس الإسرائيلى للسلام وعرفات فى 31 أغسطس 1983 فى جنيف أثناء انعقاد ندوة خاصة عن فلسطين من قبل الأمم المتحدة. وقد واجه هذا اللقاء أيضاً تجاهلاً من قبل الرأى العام الفلسطينى بل من قبل المجلس الإسرائيلى للسلام. ومع ذلك فقد تم لقاء سرى بين ثلاثة أعضاء من المجلس بعرفات فى 21 إبريل 1984 بتونس. إلا أن عرفات فى حينها كان مهموماً بالانقسامات داخل المنظمة بل مهموماً بتراجع زعامته. ولهذا لم يكن لهذا اللقاء أى تأثير. ومع ذلك تكررت اللقاءات بفضل البيانات التى أصدرها نفر من الإسرائيليين والتى تطالب بضرورة الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية. وهنا ارتأت قيادات حزب الليكود ضرورة إصدار تشريع بتجريم هذه اللقاءات، وقد كان، إذ أصدر الكنيست فى 5 أغسطس 1986 قانوناً يقضى بحبس الإسرائيلى الذى يلتقى عضواً بمنظمة التحرير الفلسطينية باستثناء الصحفيين بحكم عملهم والأكاديميين بحكم مشاركتهم فى مؤتمرات دولية. وهنا واجهت «حركة السلام الآن» إشكالية جديدة مفادها كيفية إجراء حوار مع المنظمة بدون انتهاك القانون، وقد كان إذ قررت أن يجرى الحوار بشرط أن يصدر اعتراف متبادل بمشروعية وجود المنظمة ووجود إسرائيل مع توقف الهجمات الإرهابية، وبشرط أن يتم الحوار مع الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة. ومن هنا وُلد جيل جديد من القيادات الفلسطينية مثل حنان عشراوى وفيصل الحسينى بديلاً عن القيادات القديمة مثل رشاد الشوا وبسام الشكعة. ومن هنا أيضاً بدأت جماعات السلام الإسرائيلية فى إجراء اتصالات مع تلك القيادات مع محاولة إقناع الإسرائيليين بأن هؤلاء يمكن أن يكونوا شركاء فى المفاوضات، لأنهم أصبحوا على قناعة بأن الكفاح المسلح وحده لن يفضى إلى تحقيق تطلعاتهم القومية وأن التوافق أمر لازم، وعلى قناعة أيضاً بأن مستقبلهم مرهون بالرأى العام الإسرائيلى الذى من اللازم أن يكون منحازاً إلى نوع من التكيف بحيث يسمح لأى حكومة إسرائيلية بالوصول إلى نوع من الاتفاق، خاصة أن إسرائيل لن تتنازل عن أى جزء من الأراضى المحتلة فى عام 1967 تحت ضغط الإرهاب. ومن هنا بدأت اللقاءات بين القيادة الفلسطينية الجديدة والقيادات الإسرائيلية من حزب العمل فى النصف الثانى من الثمانينيات من القرن الماضى، إلا أنها ظلت محصورة فى النخبة دون أن تؤثر فى الرأى العام، بل حدث ما هو على الضد من ذلك. ففى 8 ديسمبر 1987 اصطدمت شاحنة إسرائيلية بعربة مملوءة بعمال فلسطينيين. مات أربعة وجُرح آخرون.

والسؤال إذن:

كيف تحول هذا الحادث إلى انتفاضة؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية