فزعت من مقال شهيرة النجار فى جريدة «الفجر» الأسبوعية عدد الخميس الماضى. موضوع المقال عرض أقيم فى أوبرا دمنهور لفرقة مسرحية لبنانية تدعى مترو، وعنوانه «هشك بشك شو» عن مصر فى عشرينيات القرن العشرين، ويعرض فى بيروت منذ عامين، وأقيم العرض بحضور إيناس عبدالدايم، مدير الأوبرا، ومحافظ الإسكندرية وقنصل لبنان فى الإسكندرية وعشرات من الدبلوماسيين العرب والأجانب فى مصر!
ملصق العرض الصورة الرسمية للملك فاروق وقد أضيف إليها قرط ذهبى فى أذنه اليمنى وأحمر شفاه على شفتيه وريش نعام يحيط بعنقه بما يعنى أنه كان من الشواذ جنسياً. وتذكر الزميلة الصحفية فى مقالها أن دعوة الفرقة لتقديم عرضها فى مصر كانت بمبادرة من قنصل لبنان، وأن إيناس عبدالدايم طلبت تغيير اسم العرض ليصبح «مصر فى العشرينيات»، وعدم استخدام ملصق الدعاية المذكور عند عرض المسرحية فى مصر!
ولست هنا فى مجال تقييم العرض من الناحية الفنية، ولست من الذين يشاهدون عرضاً عنوانه «هشك بشك»، أو له ملصق مثل ذلك الملصق، والخطاب كما يقال يبدو من عنوانه، ولكن المشكلة أن يقدم فى أوبرا دمنهور، وليس فى خمارة الديك الذهبى!
هذه سقطة كبرى من إدارة الأوبرا، وغلطة الشاطر بألف، وتعرف عازفة الفلوت إيناس عبدالدايم مدى تقديرى لها، ولكن تقديم هذا العرض فى أوبرا دمنهور فضيحة كاملة، ثم من هو هذا القنصل اللبنانى فى الإسكندرية؟ وما هو الملف الذى قدمه إلى دار الأوبرا لكى توافق على تقديم العرض؟ إننى، ومن دون معلومات، أقطع بأنه لا يتضمن ولا حتى مقالاً واحداً إيجابياً نشر فى الصحافة اللبنانية عن هذا العرض لناقد من نقاد المسرح فى لبنان.
الجاهلون للجاهلين كالبنيان المرصوص، فكل من اشترك فى هذا العرض وكل من وافق على عرضه فى أوبرا دمنهور - لا يعرف تاريخ مصر ولا تاريخ لبنان ولا العلاقة بين مصر ولبنان، ولا يعرفون، بصفة خاصة، مصر فى العشرينيات، أو فى أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، وهى الفترة التى لولاها ما كانت مصر الحديثة ولا لبنان الحديث، إنهم حتى لا يعرفون أن الملك فاروق لم يكن ملك مصر فى تلك الفترة، هذا عرض من نفايات بيروت فى أوبرا دمنهور، وفى انتظار بيان من الأوبرا أو وزارة الثقافة أو سفارة لبنان، أو بيان مشترك من الأطراف الثلاثة.