لن ينسى وائل الإبراشى ما قاله السبكى فى حقه على الهواء مباشرة.. مهما اعتذر السبكى للإبراشى.. ولن ينسى السبكى هذه الهجمة عليه من الفضائيات كل ليلة.. يريدون محاكمة السبكى، لكنه حين يطرح فيلما فى السوق، يكون الإقبال عليه منقطع النظير.. فما معنى هذا؟.. هل معناه أننا شعب يعانى من «الانفصام»؟.. هل الشارع شىء والفضائيات شىء؟.. هل الحرب الدائرة مجرد أكل عيش والسلام! لا أعرف لماذا وصلت السينما إلى هذه الحالة؟.. نأسى على زمن الفن الجميل، ونتذكر فى الغناء أم كلثوم وعبدالوهاب وفايزة ونجاة ووردة وعبدالحليم.. وفى السينما فريد شوقى ورشدى أباظة وعماد حمدى وعمر الشريف ونور الشريف وفاتن حمامة وشادية وسعاد حسنى.. وقس على هذا عمالقة الأدب والصحافة والتليفزيون.. الآن نعيش عصر اللمبى وعبده موتة.. فى كل مجال «لمبى» و«سبكى وشركاه»! فلا تحاكموا السبكى وحده.. حاكموا كل سبكى فى الصحافة والأدب والسينما.. فلم أستغرب من سب الإبراشى، ولم أندهش، لأن هناك مَن جرح حياء المشاهدين.. ليس لأن الإبراشى بدأ اتهامه بالبلطجة.. ولكن لأن السبكى حين قال ما قاله، لم يشعر بأنه قال شيئاً غريباً.. هذه هى اللغة المستخدمة فى سيناريوهات الأفلام التى ينتجها.. هذه هى السينما المصرية الآن.. «حوارى» وبرشام ومخدرات ودعارة! الحارة المصرية فى أدب نجيب محفوظ حاجة تانية.. كانت تقدم نموذجاً للشهامة والأخلاق ونصرة الضعيف وإغاثة المظلوم.. الآن تحولت مصر إلى حارة كبيرة فاسدة.. لا تجد فيها غير الفوضى.. ولا تجد فيها غير المطاوى والسكاكين والمخدرات و«فتيات الليل».. مصر ليست كما يصورها السبكى، ولا فتياتها مثل فتيات أفلام السبكى.. الغريب حين تخرج الأفلام للنور، تجد مَن يحاكمونه أول مَن يُزاحم عليها! عصر الشياكة انتهى.. وعصر الرومانسية يعوض علينا ربنا.. ابتسم أنت فى عصر الفتوات والبلطجية.. من نوعية أخرى، ومن كوكب تانى.. أقل شىء تسمعه ما قاله السبكى على الهواء للإبراشى.. فلماذا تتعجب؟.. إنها لغة العصر.. زمان ورد عن فكرى أباظة أن (الشاب السمج يعاكس الفتاة ويقترب منها ويقول لها: «بنسوار يا هانم»)!.. ولو أن شاباً قال ذلك الآن لفتاة، لسقطت من طولها، ولما صدّقت أذنها! الفارق كبير بين زمن «بنسوار يا هانم»، و«هاتى بوسة يا بت».. بين الشياكة وبين «تيجى نيجى ونجيب مليجى».. أحاول طبعاً انتقاء بعض الألفاظ، حتى لا نجرح القراء الأعزاء.. لذلك أعتقد أن السبكى لا يشعر أنه أخطأ فى حق أحد.. إنها اللغة اليومية.. لا يشعر أنه أخطأ فى حق المشاهدين.. ولو أنه كان يشعر بذلك لأصدر بياناً يعتذر فيه للشعب أولاً.. وللأسف هذا مَن نعوّل عليه تغيير وتثقيف وتنوير المصريين! الفضائيات تضر الآن أكثر مما تنفع.. فى واقعة السبكى والإبراشى، كان خدش الحياء العام.. وفى «القاهرة والناس» كانت «انتصار» تروج للفسق والفجور، فى برنامج «نفسنة».. فلماذا نُحاكم السبكى وحده؟.. الدراما التركية ساعدت السياحة هناك.. الدراما المصرية فعلت بمصر أكثر مما فعلته بها الحروب!