x

سليمان جودة قضية أفسدها الوزراء! سليمان جودة السبت 10-10-2015 21:21


هذا كلام سوف تسمعه أنت عن سد النهضة الإثيوبى.. لأول مرة!

والقصة أن صحيفة «الشرق الأوسط»، التى تصدر فى لندن، قد نشرت يوم الأربعاء الماضى، مقالاً لباحثين اثنين.. أما الباحثان فإنهما أمريكيان ويعملان فى معهد ماساشوستس الأمريكى.. وأما ما جاء فى المقال عن السد فهو مختلف تماماً عما نسمعه جميعاً عنه ونعرفه منذ أن بدأ إنشاؤه إلى اليوم!

إنهما يقولان إن وثيقة المبادئ التى جرى توقيعها بين مصر والسودان وإثيوبيا، فى مارس الماضى، تقول إنه لا يجوز أن يؤدى السد إلى ضرر «كبير» فى حصة القاهرة من ماء النيل.. ولابد أنها المرة الأولى التى نسمع فيها عن أن الوثيقة تتكلم عن ضرر كبير، أو حتى صغير، يلحق بنا من وراء السد!

فما كان يؤكده ديسالين، رئيس الوزراء الإثيوبى، ولايزال يؤكده فى كل مناسبة، أنه لا ضرر سوف يصيب حصة مصر من الماء، سواء كان صغيرا أو كبيرا.. وبالتالى فمن أين جاء الباحثان الأمريكيان بهذا الكلام ولمصلحة من ترديده فى هذا الوقت؟!

ثم إن أحداً من الباحثين، ولا من غيرهما، لم يشرح لنا حدود هذا الضرر «الكبير»، ولا أحد قد قال لنا شيئا عما يفرق بين الضرر «الكبير» والضرر «الصغير» فى حالة نهر النيل.. إذ الوارد أن ما سوف نعتبره نحن ضرراً كبيراً يمكن أن يراه الطرف الآخر ضرراً صغيراً.. والعكس!

والحكاية هنا تشبه الخلاف حول قرار مجلس الأمن بعد 1967 عن انسحاب إسرائيل من الأراضى الفلسطينية، لأنه قد جاء وقت قالت فيه إسرائيل إن القرار ينص على انسحابها من «أراضٍ» فلسطينية وليس من «الأراضى» الفلسطينية.. مع ما بين الكلمتين من فارق أساسى كما ترى!

ولم يتوقف الباحثان عند هذا الحد، وإنما راحا معاً يروجان لشىء جديد تماماً، بأن قالا إن مصر إذا اشترت الطاقة الكهربائية المتولدة من السد، فسوف يؤدى ذلك إلى عائد اقتصادى لإثيوبيا من المياه الموجودة خلف سدها عند تدفقها وسوف تتدفق المياه نفسها فى النهاية إلى مصر!

وهذه أيضاً أول مرة نسمع فيها عن أن شراءنا للكهرباء الناتجة عن السد أمر وارد أو أنه مسألة مطروحة أصلاً.

السؤال هو: هل جرى كلام بيننا وبين الإخوة فى إثيوبيا من قبل حول هاتين النقطتين.. نقطة الضرر «الكبير»، ثم نقطة شراء طاقة السد من الكهرباء؟!.. أم أنها المرة الأولى التى يردد فيها الباحثان الأمريكيان هذا الكلام؟!.. وإذا كانت الأولى فلصالح من؟!

ما أعرفه أن أمر السد لم يعد أبداً أمر خبراء رى، ولا وزراء مياه بين الدول الثلاث، ولا هو كان كذلك منذ بدايته.. فلقد كان هؤلاء الخبراء والوزراء هم الذين أفسدوا الحكاية منذ أن حضروا فيها فى البداية ومنذ أن غاب عنها الساسة.. ولن تجد المشكلة حلا إلا إذا اختفى منها الخبراء والوزراء الموظفون، ثم حضر الساسة فى مكانهم وكانوا فاعلين بكل قوة!

قضية السد ليست قضية وزراء ولا خبراء، فأبعدوهم من فضلكم عنها.. إنها قضية الساسة الكبار الفاهمين فى المقام الأول وفى المقام الأخير!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية