وصلت إلى «صوت وصورة» هذه الرسالة من القارئ الكاتب المثقف الدكتور يحيى نور الدين طراف: «ذكرت فى مقالك (الباشوات والدكاترة والمهندسين) عدد 5 أكتوبر أن عبدالناصر عرض على أحمد لطفى السيد باشا أن يكون أول رئيس لـ(الجمهورية)، لكنه اعتذر لأنه أدرك بالطبع أن الكلمة أصبحت للجيش، واختار عبدالناصر لرئاسة تحرير (الجمهورية) أو جريدة الثورة، طه حسين باشا، ومن بين السطور نتبين أن عبدالناصر عرف للأغلبية الصالحة من الباشوات صلاحهم ووطنيتهم، فلم يأنف من أن يسعى إليهم ليستعين بهم ونتبين كذلك أنه كان يقبل بكلمة (لا) ويتسع صدره لها كما اتسع لاعتذار أحمد لطفى السيد، كذلك عرف الكثير من الباشوات الصالحين بدورهم لعبدالناصر وطنيته وإخلاصه، فهذا عزيز أباظة باشا فى قصيدته مولد السد يقول:
حقق المعجزات عزم جمال.. فاحمدوا الله أن حباكم جمالاً
هو والنيل واهباً السد.. هذا فاض تبراً وذاك فاض نضالاً
فلعل ذلك أن يخمد بعض غلواء من يدعى أن عبدالناصر كان حاقداً كارهاً للباشوات يتحين الفرص للتنكيل بهم.
أما بالنسبة لما تناولته فى مقالك من فوضى الألقاب فى مصر، فنحن فعلاً بلد الألقاب، يتزين بها الناس فى كل أحوالهم، وغالباً فى غير مقام، وليس أدل على ذلك من الإشارة إلى أساتذة الجامعات وهم فى معترك الحياة العامة أو السياسية بالأستاذ الدكتور، فيقال الأستاذ الدكتور الوزير والأستاذ الدكتور المحافظ والأستاذ الدكتور المرشح البرلمانى أو رئيس الحزب، بل والأستاذ الدكتور رئيس مجلس إدارة النادى، رغم أن لقب أستاذ هذا هو لقب جامعى أكاديمى يلازم صاحبه فقط ما كان داخل جامعته يزاول عمله الأكاديمى من بحث وتدريس، فإذا خرج من جامعته ليزاول عملاً ما عاماً، فهو فيه عندئذ السيد فلان وليس الأستاذ الدكتور فلان.
قِس على هذا سائر الألقاب فى مصر، عكس ما نرى فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لا يُعرف المرء إلا بصفته الحالية، وليس - كما نرى عندنا - بكامل ألقابه السابقة كلها يحملها معه حيثما ذهب كأنها نياشين وأنواط لا تفارق صدره، فالجنرال كولين باول، رئيس الأركان الأمريكى، يوم أن تولى منصب وزير الخارجية، أصبح يعرف بالسيد كولين باول أو الوزير كولين باول، وليس بالجنرال كولين باول كما كان فى السابق، وعضو الكونجرس هو السيناتور فلان فقط، فلا دكتور ولا جنرال ولا أستاذ، وفى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى المؤهلة لانتخابات الرئاسة المرة قبل الماضية، كان هناك مرشح طبيب، لم يشر إليه أبداً بلقب دكتور فلان، وإنما بالسيد فلان».
د. يحيى نور الدين طراف