يستطيع المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أن يجعل عيد الأضحى القادم مختلفاً في حياة كل مصرى، عن العيد هذا العام، إذا قرر منذ أول يوم بعد إجازة العيد، أن يعمل من أجل ترجمة عبارة كان قد قالها هو، بعد أن أدى اليمين الدستورية بساعة!
العبارة كانت أنه سوف يعمل، كرئيس حكومة، على مستويين متوازيين: مستوى المشروعات القومية الكبرى، طويلة المدى، ثم المشروعات الصغيرة قصيرة المدى!
وما قاله رئيس الوزراء الجديد، في عبارته هذه، كنت أنا نفسى، قد قلت به لأكثر من عشرين مرة، طوال فترة حكومة المهندس محلب، وكنت أقول إن مشروع قناة السويس، الذي جرى افتتاحه في 6 أغسطس الماضى، ممتاز، كما أن مشروع المليون فدان، ممتاز كذلك، وإن كان لخبراء الزراعة الفاهمين ملاحظات جادة عليه، ولابد أن تؤخذ في الاعتبار.. لابد!
كنت أقول هذا، عن هذين المشروعين الكبيرين، وعن كل مشروع آخر يمكن أن يماثلهما، ولم أكن أشكك فيهما، ولا في غيرهما، في أي لحظة، ولكنى كنت فقط أريد أن ألفت الانتباه، لدى مسؤولينا، إلى أن عائد مثل هذه المشروعات الكبيرة، في حاجة إلى سنين، ليصل إلى آحاد الناس وغالبيتهم، وأن هذه الغالبية لا تملك طاقة على الصبر أعواماً، بحكم المعاناة التي تعيشها في حياتها كل صباح!
وحين أقول إن حياة غالبية هذا الشعب، يمكن أن تختلف ما بين عيدين، فإننى أعنيها، بشرط أن يكون اهتمام الحكومة خلال ما بين العيدين، منصرفاً في جزء كبير منه إلى المشاكل الحياتية اليومية، التي تضخمت، حتى صارت مصدر ألم لكل مواطن في نهاره!
كيف تتكلم الحكومة مع رعاياها عن مشروعات كبرى من نوع ما ذكرت، بينما الطرق في أنحاء الجمهورية أصبحت مصيدة لكل سائر عليها، وليس أدل على صدق ما أقول، إلا أن المصريين قد استيقظوا صباح أمس، على حادث في قنا، وصل عدد ضحاياه إلى 23 إنساناً، ما بين قتيل وجريح!.. وهو، من حيث عدد ضحاياه، أصبح من كثرة تكراره لا يستوقف أحداً، وتلك في حد ذاتها مأساة أخرى!
ثم كيف تتكلم الحكومة مع مواطنيها عن المشروعات الكبرى وعن عائدها، بينما الشوارع في أنحاء البلد نموذج للقذارة في أبشع صورها؟!.. وكيف تتكلم معهم، بينما السلعة تُباع للمستهلك بأضعاف أضعاف سعرها عند المنتج محلياً، أو عند المستورد إذا كانت تأتى من الخارج، لا لشىء إلا لأن المستهلك في بلدنا ليس له صاحب!
إننى أخشى أن أقول إن المستهلك ليس وحده، الذي بلا صاحب في بلدنا، وإن المواطن في إجماله بلا صاحب، وإننا نريد من شريف إسماعيل أن يبرهن على أنه هو صاحبه!