هذه شهادة من وزير سابق، كان زميلاً للمهندس شريف إسماعيل في الحكومة، إلى مارس الماضى، وكان يراقب أداءه العام من بعيد، خلال اجتماعات مجلس الوزراء.
الشهادة سمعتها من صاحبها، بالصدفة، وهى تقول إن «إسماعيل» كان خلال اجتماعات المجلس مستمعاً أكثر منه متحدثاً، وكان مُنصتاً، أكثر منه مزاحماً في الرغبة في الكلام، ولكنه كان إذا تكلم، جاء كلامه مرتباً ودقيقاً، وجاء مشيراً إلى أن المتكلم يعرف ماذا يقول، وكيف يقنع الآخرين بما يقول.
وكان إذا عرض، كوزير بترول، ملفاً على مجلس الوزراء، فإنه يكون مُلماً بكل جانب فيه، ولم يكن يترك شيئاً في الملف، وهو يعرضه، ليكون محل تساؤل من جانب أعضاء المجلس، اللهم إلا إذا سأل أحد منهم عن شأن فنى يستعصى بطبيعته على غير المتخصص، وكان «إسماعيل» لهذه الأسباب كلها، يحظى في النهاية، بموافقة مجلس الوزراء، على ما يريده ويعرضه!
هذه شهادة من رجل كان شاهد عيان، كما يقال في العادة عمن يرى الشىء بعينيه، وهى شهادة ممن صار وزيراً سابقاً، وبالتالى، فلا مصلحة له عند رئيس الحكومة المكلف.
وليس لنا، الآن، إلا أن نستفيد كبلد، من هذه الصفات الحسنة، في شريف إسماعيل، فما أحوج أزماتنا المتراكمة، إلى «عقل» يتعامل معها، فيكون مرتباً، ودقيقاً، ومُلماً بها، وعارفاً بأولوياته في التصدى لها.
ولأنى كنت قد استمعت إلى تقرير، أذاعته القديرة إيمان الحصرى، في برنامج 90 دقيقة، على قناة المحور، مساء الأربعاء، فإننى أتمنى لو أن المهندس شريف قد طلب هذا التقرير، ثم تعامل معه بالصفات نفسها التي ذكر الوزير السابق أنه لاحظها فيه.
التقرير كان يستعرض آراء مواطنين في عرض الشارع، عما يريده كل واحد منهم، من رئيس حكومته الجديد، وكان أن توزعت رغبات المواطنين في التقرير، بين هموم ثلاثة: رغيف العيش، ثم نظافة الشوارع، ثم حال الطرق والكبارى!
بالطبع، هناك أشياء أخرى أكبر، وأهم، وأشمل، غير أن المواطن عندما تسأله، فإنه يحدثك عما يؤرقه ويؤلمه، في حياته، كل يوم.
ولستُ أريد من الرجل إلا أن يتعامل مع هذه المشكلات الحياتية الثلاث، بعقليته المرتبة الدقيقة، لينجز فيها شيئاً يحسه الناس في الأمد الزمنى المنظور، وليشعر كل مواطن بأن رئيس حكومة قد ذهب، وأن رئيس حكومة قد جاء!