x

جمال الجمل الفساد.. لا تتراجع يا كبير جمال الجمل الثلاثاء 08-09-2015 05:42


تسمرت 6 ساعات متواصلة أمام شاشة الكومبيوتر، في مواجهة صفحة بيضاء، عاجزا عن كتابة كلام أردده بيني وبين نفسي منذ أيام حتى حفظته، كلما كتبت كلمة محوتها، وجلست أفكر، حتى يئست من الكتابة.

لم يكن الكلام جديدا، فأنا وغيري نعيد ونزيد في الكلام عن العدل والحرية ومكافحة الفساد، لكن الواقع راكد، الواقع لا يعير كلامنا أي اهتمام، وهذا أمر محبط.

تذكرت مقالي القديم «بعودة يا فودة» في أكتوبر الماضي, والصرخة الثانية «واحد من جنودك ياسيدي» في يوليو الماضي.

وقبل ذلك بعام كنت قد كتبت مقالا أتناول فيه الفساد من وجهة نظر دينية إصلاحية، ولما كان في فمي ماء، وعلى عقلي حظر، فقد قررت ان أعيد وأزيد وأنشر المقال الدعوي الإصلاحي كما هو، حتى يتحرك الواقع خطوة، فنتحرك في كلامنا خطوة، لكننا لن نغادر ما عزمنا عليه من تطهير للفساد، ودفع المسيرة نحول العدل والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية

وهذا نص المقال:

إذا أردت تلخيص الأزمة التي نعيشها في كلمة واحدة، فقل وأنت مطمئن: «الفساد».

إنه مصيبة المصائب، فهو مقدمة الأزمات وعاقبتها، سببها ونتيجتها، والفساد ليس حكرا على السلطة، لكن حالة فردية قد يعيشها الجميع حكاما ومحكومين.

صحيح أن فساد الحاكم والقوي والغني والمشهور أشد بطشا وتاثيرا من فساد الضعيف، لكن يبقى الفساد هو الفساد، وهو حسب معاجم اللغة: خروج الشيء عن الاعتدال في النفس والبدن، فالمفسدة عكس المصلحة، وتفاسد القوم يعني تقاطعوا الأرحام، كما ينطبق معنى الفساد على أخذ المال ظلماً، وقد وردت كلمة الفساد ومشتقاتها في القرآن الكريم في خمسين موضعاً، واتسع المعنى ليشمل الفساد العقائدي والسلوكي والأمني والمالي، بالإضافة إلى بطش الحكام.

وفي معظم الآيات ارتبط مصطلح الفساد بكلمة الأرض، ولم يقتصر على الكفر أو فساد العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، لكن الفساد في الأرض ورد في نحو أربعين آية من الخمسين، حذرت من تهديد الحياة الآمنة وترويع الناس، وقطع الطريق، وكل أنواع الإيذاء والاعتداء وسفك الدماء، وإزهاق الأرواح، ونهب الأموال.

عظمة القرآن كدستور دنيوي تبدو في تجاوز النص لمفهوم المعاصي الدينية وفساد العقيدة، رغم أنه اعتبرهذا النوع من الفساد هو أساس كل فساد، لكنه القرآن افاض في التحذير من الفساد الأمني والاجتماعي، والاقتصادي أيضا، حيث نهى صراحة عن التخريب «وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد»، كما نهى عن الغش والسرقة (ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين)، وشدد على الأمانة في البيع، والصدق في العقود، والالتزام بشروط المعاملات الاقتصادية من بيع وشراء وتأجير وكافة أنواع المعاملات المالية (أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين، وزنوا بالقسطاس المستقيم، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين)

واعتبر الخروج عن الامانة طريقا إلى زعزعة الروابط الاجتماعية وتفكك المجتمع، وتهديد الاستقرار، وذلك أسوأ صور الفساد في الأرض، كما تناول القرآن الكريم الفساد الأخلاقي، وحذر من النميمة وخدش الأعراض وانتهاك الحرمات، ولم يترك القرآن حتى مفهوم حماية البيئة التي يهتم به حديثا الناشطون الأجانب لحماية الأرض من اختلال التوازن البيئي وارتباك الدورات الطبيعية لكل العناصر الأساسية في الحياة.

ولم يترك القرآن أولئك المفسدون الذين يخدعون الآخرين ويخدعون أنفسهم، فيمارسون الفساد عملا، ويبررونه قولا، حيث يقدم اللصوص أنفسهم كمدافعين عن الفضيلة والشرف، ويبرر المعتدي أفعاله بأنها لحماية الناس وتأمينهم، وفي ذلك يقول رب العزة: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُون)

ويقول جل جلاله: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)

وجعل الله من واجبات الصالح أن يواجه الفساد والمفسدين (فلولا كان من القرون من قبلكم أو لو بقية ينهون عن الفساد في الأرض)

وقد تضمن القرآن آيات كريمة تظهر أن الله يكره الفساد والمفسدين (والله لا يحب الفساد)، (والله لا يحب المفسدين)، (إن الله لا يحب المفسدين)، لذلك توعدهم بالخسران وسوء العاقبة، وقال سبحانه وتعالى: (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) مؤكدا على المؤمن التصدي لكل فاسد يمس الأساسيات الخمسة: النفس، المال، العرض، العقل، الدين.

تذكروا هذه الآيات وانتم تستعدون للانتخابات البرلمانية المقبلة التي يتسابق إليها الآن الكثير من الفاسدين، الذين يتسترون وراء شعارات الخير والحق، ويقدمون الخدمات الموسمية لدوائر الناخبين، ليس اقتناعا بالخير، ولكن لشراء الضمائر والأصوات، والعبور إلى مقاعد التشريع ومنافذ صناعة القرار، فلا تتهاونوا مع الفساد، ولا تتعانوا مع الفاسدين.. أعزكم الله


* العنوان عبارة عن مقال مستقل، ورسالة واضحة، إذا قرأها صاحبها وعمل بها، فقد أصاب خيرا كثيرا، وفتح صفحة ناصعة لمصر التي نحلم بها، وإذا تغافل عنها، ودخل في توازنات تحفظ للفساد دوره وهيلمانه، فإن الفرصة السانحة ستنقلب علينا وعليه.
اللهم وفقه لخيره وخير البلد وخير الدين، اللهم قربه من الحق والعدل، وأجعله سيفا يطارد الفاسدين..
#‏نضف_ياسيسي
#‏مصر_بتنضف

جمال الجمل
[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية