x

جمال الجمل مجدي جمال الجمل الجمعة 04-09-2015 21:47


* استهلال: منذ مطلع الألفية الثالثة وأكتوبر يأتيني باكرا.. يأتيني في مطلع سبتمبر

أظنه لم يقصد أن يموت

أظنه كذلك.

أظن.

أظنه كان فقط يدربني على الموت

أظن..

أظنه كذلك

أظن.

لا أعرف لماذا لم يتصل ليخبرني أنه لا يستطيع أن يتصل؟.

لا أعرف.

هذا غريب عليه

هذا غريب علينا

مازلت احتفط باسمه ورقمه، كلما بدلت الهاتف، وكلما بدلت الشريحة.

وعندما أغير رقمي، أطلبه سريعا

رنة واحدة تكفي، ليعرف رقمي الجديد

لكنه لا يتصل!

لا أعرف لماذا لايتصل ليبلغني أنه لا يستطيع أن يتصل؟

أظنه يمزح معي

أظن.

أظنه كذلك

أظن.

كان دائما يدربني على الضحك

يحرضني على المزاح والخفة

هذا ليس غريبا عليه

لكنه غريب على

الغريب أكثر أنه «كافكاويا» بامتياز

قصته الأثيرة «قلم كوبيا»، أقوى دليل على ذلك

كان يحبها..

لم يحبها في صمت.

كان يحب أن يقرأها

القصة سوداوية جدا

لكنه يضحك كثيرا، بعد عبارات كئيبة لا تستدعي الضحك أبداً

أظنه كان يحب ذلك

(أن يضحك بلا سبب خارجي)

أظن.

أظنه كان يصطنع الضحكات

ليداري عني خبر سفره البعيد بدوني

لم يوصني بمحمد ومنة

لم يوصني بشيء!

هل كان يظن أنه سيعود من هناك؟

أظنه كان يظن ذلك

أظن.

هل عرف بذلك الاتصال اللعين

الذي يشبه نصل السكين

في تلك الليلة الحجرية

* ألو..

- مين؟

* مجدي تعيش انت

- مجدي مين؟

* أزمة قلبية

(..................)

هل عرف أنني عرفت؟

أظنه عرف..

أظن.

ليلتها صعد معي إلى الطابق الثاني

في الفيللا الهادئة على ناصية عدن

كانت قدماه مبلولتان

وشعره المجعد يأبي أن يمتص قطرات المياه القليلة

التي تشبع أقمارا صغيرة فوق غابة سوداء

نظر ناحية الدرج

وابتسم.

الله أكبر.. الله أكبر

أشهد أن لا إله إلا الله

أشهد أن محمدا رسول الله

حي على الصلاة.. حي على الفلاح

قد قامت الصلاة.. قد قامت الصلاة.

كان إمامي في صلاة العشاء

التي مات بعدها نصف عمري

منذ تلك الليلة الحجرية في مطلع ذلك الخريف

وأنا أجلس وحيدا في الظلام

على أريكة ماتبقى من العمر

أسأل:

لماذا لا يتصل ليبلغني أنه لا يستطيع أن يتصل؟

ثم أفتش في رسائل الهاتف عن اسمه

ربما.....

ربما استطاع أن يتصل.

ربما..

ربما.

...........................................................................................

* في نهاية أكتوبر 1999 سقطت طائرة ركاب مصرية في المحيط الأطلنطي قبالة السواحل الأمريكية، نجا أحد الركاب لأنه تخلف عن موعد الطائرة، بينما رافق الصحفي والقاص الشاب مجدي حسنين بقية الركاب إلى رحلة غامضة، رغم أنه كان في القاهرة، ولم يكن من ركاب الطائرة.!

بعد 16 عاما من تلك الدراما العجيبة في الخريف الأخير من الألفية الثانية، مازلت قابعا على نفس الأريكة.. في نفس الليلة الحجرية، أسأل عن وجهة الرحلة وأسرارها..

أظنها رحلة...

أظنها كذلك..

أظن.

جمال الجمل

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية