x

عادل نعمان س: هل فى قصص القرآن أحكام واجبة على المسلمين؟ عادل نعمان الإثنين 07-09-2015 21:06


فى مقال الأسبوع الماضى حول حوار مع أحد مشايخ الجهاد والتكفير. يرى أن طلب سيدنا نوح من ربه واستجابة ربه له (رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً) بمثابة حكم بقتل الكافرين، واعتبرها سندا شرعيا وتكليفا من الله لأمة محمد بقتال وقتل الكافرين، وذلك لسببين كما جاء فى الآية. الأول: قتلهم حتى لا نساعدهم على الإفساد واستئصال الشرك من أرض الله. الثانى: قتلهم حتى لا يضللوا أبناءهم وأحفادهم وتتسع مساحة الكفر والكافرين. هذا ما قاله شيخهم. وهذا هو ردى عليه. وأبدأ أولا: حين استجاب الله لدعاء نبيّه نوح، وأوحى إليه أن يصنع سفينة (وأُوحى إلى نُوحٍ أنّهُ لن يُؤْمن من قوْمك إلاّ من قدْ آمن فلا تبْتئسْ بما كانُواْ يفْعلُون، واصْنع الْفُلْك بأعْيُننا ووحْينا ولا تُخاطبْنى فى الّذين ظلمُواْ إنّهُم مُّغْرقُون) وأغرقهم الله حسب رغبة وطلب نوح. وانتهى بذلك الشرك من الأرض كما أراد. السؤال: من الذى أعاد الشرك والكفر إلى الأرض؟ ولماذا؟ وإذا كانت الإجابة هو الله. أليس هذا دليلا على أنها إرادة الله أن يكون الشرك بجوار الإيمان فى أرضه؟

ثانيا: القصص فى القرآن وأحكامها تشريع لديانات سابقة، وليست حكما أوجبه الله على المسلمين، فلكل دين أوامره ونواهيه وأحكامه. وأمر الله لبطل القصة (النبى) يختلف فى ظروفه عن ظرف نبى آخر. وسنوجز بعض أسباب القصص فى القرآن والتى ليس فيها حكم ملزم للمسلمين. ونرجع للآية التى حددت الأمر دون زيادة (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِى هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ) أين الالتزام بحكم يسحبه الله على ملة نبيه محمد؟

سؤال آخر: ما هو السبب من سرد القصص فى القرآن الكريم؟ سنجيب بما جاء فى الآية السابقة. أولا: تخفيف الضغط على النبى وعلى أصحابه. فحين يضيق بهم الأمر، ويتسلل اليأس إلى قلوبهم نتيجة الصراع بينهم وبين المشركين الآية (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) يجدون فى قصص القرآن حكم الله ومنتهاه، وعلو شأن الحق على الباطل. وبذلك يهدأ خاطرهم ويريح قلوب المؤمنين بنصر الله. فإذا سمع الرسول وأصحابه معاملة الأنبياء لقومهم على نحو سيدنا نوح، خفف ذلك حملا على قلبه وعلى قلوبهم (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الْآخِرَةِ).

ثانيا: إن المشركين حين يسمعون عن مصير الطغاة فى قصص القرآن كمصير فرعون وقوم هود وقوم صالح وقوم عاد، ومصير المستكبرين، يلقى فى قلوبهم الخوف والرعب من حكم الله فيهم، ويكون سببا ليأسهم من محاربة الحق ومحاربة أنبيائه (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِى وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا).

هذه أسباب سرد القصص القرآنية. إضافة إلى أنها عبرة وعظة، وغيرها كثير لا يتسع المجال لذكره. هذه القصص لها أحكامها على زمانها لا تنسحب على زمن غيره وإلا كان أولى على الله ذكرها فى الآية التى ذكرها عن أسباب القصص فى القرآن. وأسألك يا شيخهم بعض الأسئلة أرجو أن ترد عليها. أولها: إذا كان هذا هو حكم الله (رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً). فلماذا يقول الله لنبيه: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ) وصاحب الحوت هو سيدنا يونس حين غضب على قومه ودعا عليهم، فغضب ربه عليه ولقنه درسا قاسيا فى بطن الحوت ثلاث ليال حتى تاب وأناب. فلماذا لم يستجب ربه فى إهلاك قومه كما استجاب لإهلاك قوم نوح؟ ولماذا اختلف الحكم؟. ثانيها: لماذا يخاطب الله رسوله محمدا (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) أى لماذا تهلك نفسك بحزنك. فلا تهلك نفسك عليهم أسفا. بل مهمتك إبلاغهم رسالة الله، فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات. ثالثها: لماذا يخاطب الله رسوله محمدا (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) ربنا يطلب من نبيه أن يبلغهم ما أوحاه إليه، وإن هو إلا نذير يُنْذرهم عقاب الله، وليس على الرسول إلا البلاغ والإنذار.

سأقول لك فصل الخطاب. لن أؤمن إلا بالسلام، ولن أقبل من دينى سوى السلامة للمسلمين ولخلق الله جميعا، ولن أحمل سلاحكم لقتل غير المسلم حتى لو كان عندكم أمر صريح من الله. ولن أقبل جنة ثمنها قتل برىء أو سفك دم أو اغتصاب أرض أو عرض.

ما هو الحل؟ وكيف نخرج من هذا المأزق؟ عندنا نصوص واضحة بالجهاد لا تختلف فى كثير عن تفسيرها، ولا تختلف فى كثير عما تحمله كتب التراث؟ هذا هو موضوعنا القادم. الحل هو تعطيل الحكم.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية