x

رفعت السعيد تشريح أوباما قبل رحيله (1-2 ) رفعت السعيد الجمعة 04-09-2015 20:50


مع بدء العد التنازلى لرحيل أوباما بدأت سلسلة من عمليات تشريح سياساته والتفتيش فى أخطائها بل مخاطرها على أمريكا ذاتها. وربما كانت البداية بتقرير صدر عن «معهد واشنطون» حول الإستراتيجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط «وقد أكد التقرير الذى كتبته مجموعة من خمس شخصيات معروفة من الحزبين الجمهورى والديمقراطى هم صموئيل بيرجر وستيفن هاولى مستشارى الأمن القومى السابقين والسفير جيمس جيفرى السفير السابق فى العراق وتركيا ومبعوث السلام فى الشرق الأوسط السابق دينيس روس وروبرت سافلوف المدير التنفيذى للمعهد، على خطأ سياسة السعى لتدمير نظام الدولة فى المنطقة.

وأكد «أن الهياكل الكاملة لنظام الدولة فى المنطقة باتت معرضة للخطر، وأن الاستمرار فى تنفيذ هذه السياسة لن يطال أصدقاء أمريكا فى المنطقة فقط ولكن خطرها سوف يتمدد ليصل إلى الوطن الأمريكى ذاته ويقترح التقرير عدة عناصر أولية لتصحيح أخطاء سياسة أوباما منها – الحفاظ على تماسك دول المنطقة – مواجهة حاسمة لداعش – طمأنة زعماء السنة مع دفعهم كى يصبحوا أكثر تسامحا فى حكمهم – مواجهة حاسمة للمتطرفين من السنة والشيعة. وفيما يتعلق بالاتفاق النووى مع طهران فإنه من الضرورى اتخاذ وسائل فعلية تكفل الطمأنينة لحلفاء أمريكا فى المنطقة وتؤكد الالتزام الأمريكى بأمنهم»، وربما كان هذا التقرير ردا استباقيا على التقرير الذى قدمه أوباما للكونجرس فى فبراير 2015 بعنوان «استراتيجية الأمن القومى لعام 2015» وفيه أكد أوباما على أولويات ومنها: إنعاش الاقتصاد برفع مستويات النمو والتشغيل، وكذلك تقليص الالتزامات الدولية وعدم المشاركة فى النزاعات التى تستنزف المال والقدرات البشرية والعسكرية. وباختصار التركيز على الداخل. ولخص أوباما التحديات التى تواجه أمريكا فى: التغييرات المناخية وتأثير استخراج الوقود الصخرى فيها بما يضع أمريكا فى مأزق الاتهام بتدمير الكوكب – انتشار أسلحة الدمار الشامل ( إيران كمثال ) – الإرهاب – التدخل الروسى فى أوكرانيا ويتطلب ذلك ما أسماه الصبر الاستراتيجى ووجود تحالفات وشراكة دولية بقيادة أمريكية، مؤكدا أن أمريكا يجب ألا تقف وحدها فى مواجهة هذه الأزمات فليس لديها الموارد ولا الرغبة فى المواجهة المنفردة لهذه المشاكل المعقدة ومن ثم فإنها لم تعد تملك القدرة على التحديد المنفرد لمسار الأحداث. ويؤكد التقرير أن كثيرا من هذه المشاكل لم يعد من الممكن معالجتها عن طريق القوة العسكرية فقط وقد فسر المحللون هذه الخطة بأنها محاولة للتخلص من أسلوب وآثار السياسة التصادمية والتدخل المباشر التى انتهجها بوش الابن التى ورطت أمريكا عسكريا واستنزفتها اقتصاديا فى دول الشرق الأوسط التى وصفوها بأنها «ناكرة للجميل». هذا بالإضافة إلى أن أوباما قد تحول بأمريكا إلى الاهتمام بالشرق وتحديدا الصين والهند واليابان حيث الفرص والمنافسات الحقيقية. ومن ثم فإن المحللين يرون أن أوباما لن يشارك بشكل مباشر فى أى عمليات مكلفة ماليا أو بشريا فى الشرق الأوسط وأن أمريكا ستكتفى بدعم حلفائها دون مشاركة فعلية، وسوف تواصل التفاهم مع إيران وستواصل التصعيد الكلامى ضد روسيا، وترى بعض الكتابات التحليلية لسياسة أوباما أنه ليس ضعيفا ولا جاهلا وإنما هو فى غاية الدهاء والحكمة فمثلا حول موقفه من سوريا نجده يستهدف عدم التدخل وإفساح المجال لتوريط روسيا وإيران فى المستنقع السورى بحيث تورطت إيران فيما يمكن تشبيهه بورطة أمريكا فى فيتنام وتورطت روسيا فى مأزق سياسى وأخلاقى لا فكاك منه. وإن كان محللون آخرون يرون أن أوباما الذى سحر الأمريكيين بوعوده الخلابة قد خيب آمال الكثيرين. وقد انبرى عديد من معاونيه السابقين بوصفه بأنه متردد بطبعه ولا يتخذ بسهولة قراراً حاسماً. ويشيرون إلى كتابة «جرأة الأمل» ويرون أنه يفتقد أى جرأة ويقولون إنه خلال رحلته الأخيرة إلى الشرق الأقصى (إبريل 2015) لخص سياسته للصحفيين المرافقين قائلاً «لا أريد أن أرتكب حماقات غير نظيفة». ويعلق المسؤول السابق فى عهد كلينتون على تصرفات أوباما القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية قائلا «إنه القائد الأعلى للفشل»، أما روبرت جيتس وزير الدفاع السابق فى رئاسة أوباما الأولى فقد أصدر كتابا قال فيه «إن أوباما كقائد أعلى للقوات المسلحة الأمريكية لا يثق بجيشه ولا جنرالاته، وهو لم يكن يؤمن بالخطة التى وافق عليها شخصيا وكان لا يعتبر أن الحرب فى أفغانستان حربه ويهتم فقط بالانسحاب» أما وزير الدفاع الآخر فى ظل أوباما ليون بانيتا فقد أصدر كتابا يقول فيه إن أوباما ضل طريقه فى العراق فخلق فراغاً احتله تنظيم داعش ورفض بإصرار النصائح التى قدمت له قبل أن تتفاقم الأمور«.. ويضرب الكثيرون مثلا بفشل سياسة الصبر الاستراتيجى لأوباما بتصريحه الشهير فى المؤتمر الصحفى الذى قال فيه «إن مسؤولية محاربة داعش ليست مسؤولية أمريكية» ومن سوء حظ أوباما أن داعش وفى اليوم التالى مباشرة أذاع خبر ذبح الصحفى الأمريكى «جيمس فولى».

ونواصل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية