x

شريف زايد صورة الألم.. وألم الصورة شريف زايد الجمعة 04-09-2015 13:41


للوهلة الأولى حينما وقع بصرى على هذه الصورة ظننته أحد أبناء المصطافين يلهو على الشاطئ، يتوسد الرمال ويلتحف ماء البحر، وأبواه يرقبانه من قريب أو بعيد..

ولكن سرعان ما تبدد وهمي وتملكتنى حالة من الفزع والهلع بعد أن قرأت ما تحت الصورة وعلمت أنها جثة أحد أطفال اللاجئين السوريين، وأن الرمال قبره، والماء كفنه.. نهشَت أرضَه نفوسٌ طامعة وقلوبٌ ميتة وعقولٌ مريضة، وما أراد البحر أن تنهش جسدَه أسماكُه وحيتانُه فألقى به إلى الشاطئ.. ثم رأيت صورة أخرى لوالدته تخرج جثة هي الأخرى..

أطلقت لتفكيرى العنان وتخيلت كيف كانت لحظاتهما الأخيرة، حيث تتقاذفهما الأمواج ويحيط بهما الموت من كل اتجاه..

كيف كان حال هذه الأم وهي ترى ولدها. مبعث أملها. مناط رجائها. حلم عمرها يموت أمام عينيها، ما كان ردها حينما كان يتشبث بها خائفا مذعورا وهو يصرخ قائلا: «ماما ما بدي موت». يقينا كان لسان حالها يرد قائلا: يا ليت لي ألف نفس فأَهِبَك إياها، يا ليت عظمي ولحمي ودمي تستحيل أخشابا فأصنع لك منها قارب نجاة يوصلك إلى بر الأمان، ليتنا ما ولدنا ولا نشأنا في أرض هذه شيم أهلها وخِلالُ ساكنيها..

وحينما دققت نظري وأمعنت فكرى بعد أن رددته إلى واقعى أيقنت أن الله حتما كان أرحم بهذا الطفل منا، حتى لا يشب ويكبر ذات يوم فيقع بصره على صورة لطفل مستلق على شاطئ فيظن أنه يلهو ويلعب ثم يدرك أنه قد مات وهو يحاول أن يستجير من واقع سيئ بما هو أسوا منه، فتمتلئ نفسه هما وغما، ويشتعل قلبه حقدا من أناس هم أقرب إلى الشياطين منهم إلى البشر، يتكالبون على وهم زائف يسمى الحكم، وخرقة بالية تسمى السلطة غير عابئين بقوم هم أنقى منهم نفسا وأطهر قلبا، منتهى رجائهم أن يعيشوا حياتهم في أمن ويربوا أولادهم في سلام..

إن هؤلاء الطغاة اشتد بهم الجشع والطمع فأعمياهم عن سبيل الرشد، وطوحا بهم في هاوية من الضلال والغى..ألا قاتلهم الله جميعا، وأنزل بهم ما هم أهلٌ له من العذاب والتنكيل جزاءً وفاقا لما اقترفوه من إثم وارتكبوه من عدوان.. فوالله لا يشرفنا أن يكونوا منا أو أن نكون منهم...

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية